اليوم الثامن/القاهرة
لكي نقوم بتقييم ما آلت إليه الصحافة المصرية من انهيار وتدنى في المحتوى الصحفي ، لابد أن نعرف الأسباب الحقيقة وراء هذا الانهيار والتدني الفادح لها .
فمن أهم هذه الأسباب هي السيطرة الكاملة على نوعية المحتوى الصحفي وتطويعه في اتجاه واحد ليس فيه مصلحة القارئ ولا حقه في المعرفة ، كما أن اختيار رؤساء التحرير علي خلفية أمنية باحته وليست مهنية من أهم الأسباب أيضاً التي جعلت الصحافة مقيدة من كل أطرافها ومحاصرة من كل اتجاه ومهددة طول الوقت ، وأصبحت مهمتها الأساسية هي الطبل والزمر فقط لكل سلطة ولكل صاحب جريدة أو موقع صحفي ، ومن يخرج عن هذا السياق يستبعد عن العمل الصحفي أو تكتب فيه التقارير للجهات الأمنية وكأنه يحرض على قلب نظام الحكم ، ما ساهم في جفاف منابع الإبداع المهني للصحافة وتكبيل الحرية الصحفية وجعلها جريمة والرأي الأخر خيانة .
ومن أسباب انهيار الصحافة المصرية أيضاً تحول مناديب الصحف لدى الهيئات والوزارات إلي مناديب لهذه الهيئات والوزارات لدى الصحف ، مما جعل المهنة مجرد سبوبة لهؤلاء الصحفيين ، بحصولهم على الهدايا والمصالح الخاصة والتي جاءت على حساب اختفاء التقارير والتحقيقات التي تكشف الفساد ومواضع التردي والفشل داخل هذه الهيئات والوزارات ، فقد ماتت المهنة وانهار أي أمل في مستقبل أفضل للصحافة .
ومن جهة قرار تحويل إصدارات ”الأهرام المسائي” الصادر عن مؤسسة الأهرام ، و“الأخبار المسائي” الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم ، و”المساء” الصادرة عن مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر، إلى إصدار الكتروني ، فلم يتثنى لى معرفة هل هذا القرار تم بناءً على دراسة دقيقة أم لا ، وهل هذا القرار يعتبر بداية لانتهاء بعض الإصدارات الورقية أو اندماج بعضها ببعض ، أم أنه بمثابة انهيار اللبنة الأولى في صرح الصحافة الورقية بمصر ؟ ، وماذا يفيد وماذا تسهم إذا ما تحولت هذه الإصدارات من ورقية إلي الكترونية إذ أن هناك منصات وبوابات الكترونية تعمل بالفعل لدى هذه المؤسسات الصحفية تقدم نفس المحتوى الصحفي تقريباً .
فإذا كانت هناك إرادة صادقة لتطوير الصحافة المصرية وجعلها صحافة حقيقية ، فيجب تلافى كل هذه الأسباب ، وتقديم صحافة قادرة علي التفاعل مع مشكلات المجتمع ورصد واقعه باستخدام القوالب الصحفية المختلفة ووضع لها الحلول اللازمة ، وفتح المجال أمام المواطن للحديث عن مشاكله وهمومه والتعبير عنها بكل صدق ، والعمل على ارتباط القارئ بالصحافة ارتباط مبنى على اساس من الثقة والوضوح والشفافية من خلال تقديم المعلومة الصحفية فى صورة رقم أو رسم بياني واضح ، مع وجود كتاب مفكرين مستنيرين ليس لهم أى اتجاهات سياسية سوى الصالح العام ، و ضخ المهنية الصحيحة داخل شرايين الصحفيين للوصول إلى الصحافة المثلى والاستفادة منها على كما ينبغي أن تكون .
