مقالات وتحقيقات

أشرف رضا يكتب : الفقراء إلي زوال

بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يُبن مُلك على جهل وإقلال ، هكذا قال شاعرنا الكبير أحمد شوقي قاصداً أنك لكي تبني وتعمر وتنمي ، فلابد من توافر عنصرين مهمين جداً هما العلم والمال ، وإن كنت أفضل أن يكون معهم عنصر ثالث أهم وهو العدل ، لكي يستمر التعمير والبناء والتنمية ، فكيف بوطن يسعى للبناء والتنمية يعاني مواطنيه من تردي في التعليم وازدياد في نسب الفقر ، فما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من ارتفاع معدلات الفقر في البلاد إلي 32.5 في المائة من عدد السكان ، يعد فاجعة ، والفاجعة الكبرى هي أن هذه النسبة تؤشر عن معدل الفقر ، ولم تؤشر عن من هم تحت خط الفقر ولا عن من وصلوا للفقر المضجع ، الذين فقدوا الحصول حتى علي أبسط الاحتياجات الأساسية والإنسانية من غذاء وماء ومأوى وصحة وتعليم ، مما  يجعل الفقر المدقع واحداً من أهم  المهددات الحقيقية للاستقرار الاقتصادي والأمني والاجتماعي ، فمن ضمن ما أعلن عنه الجهاز في  تقريره إلى أن ما يقرب من 46 قرية في محافظتي أسيوط و سوهاج ، بصعيد مصر، تتراوح نسبة الفقر فيها بين 80 إلى 100 في المائة، فضلا عن معاناة 236 قرية في سوهاج من الفقر، وهي نسبة بلغت 87 في المائة من قرى المحافظة، ما جعلها تسجل النسب الأعلى بين أفقر 1000 قرية في مصر ، وقد تصدر صعيد مصر (جنوبي البلاد) قائمة المحافظات الأكثر فقرا في الجمهورية، حيث سجلت محافظة أسيوط نسبة فقر بين مواطنيها بلغت 66.7 في المائة، تلتها محافظة سوهاج بنسبة 59.6 في المائة، ثم الأقصر 55.3 في المائة، والمنيا 54 في المائة، ثم قنا 41 في المائة ، وسبب ارتفاع معدلات نسب الفقر يرجع إلي تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي انتهجته الدولة في الفترة الأخيرة ، دون مراعاة الحفاظ علي المواطن وعلي توفير حياة كريمة له ولأبنائه  وحتفه في مستنقع من الفقر والجوع بسبب تدهور الأجور وارتفاع الأسعار المبالغ فيها ، وفرض الضرائب غير المباشرة علي كل ما يستخدمه المواطن أو علي الخدمات المقدمة له .

وأتساءل متى تضع الدولة المواطن أولاً في أولوياتها وتوفر له سبل العيش الآدمية والحياة الكريمة وهي تخطط له لمستقبل أفضل ، وإلا قد يأتي المستقبل ولا نجد المواطن .

 متي  تنتهج الدولة سبل رفع المعاناة عن المواطن وإقلال معدلات الفقر وتقليل الفجوات بين الطبقات ، والتي كانت سابقاً ثلاث طبقات ، طبقة غنية وطبقه متوسطة وطبقة فقيرة ، وأصبحت الآن طبقة ثرية وطبقة فقيرة وطبقة تحت خط الفقر وطبقة فقيرة فقر مضجع .

وإذا كان وصل الحال إلي هذه الدرجة ، ماذا يحدث بعد ذلك ؟ ، هل ستموت بعض الطبقات جوعاً ، أم تثور كثورة الحرافيش إثر غضبها على تردي أوضاعها ، ويعلوا صوتها كصوت الزئير مجمعاً ، ويتحقق قول الشاعر ، إذا الشعب يوما أراد الحياة ، فلا بد أن يستجيب القدر، ولا بد لليل أن ينجلي ، ولا بد للقيد أن ينكسر، ومن لم يعانقه شوق الحياة ، تبخر في جوها واندثر .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى