“الدائرة”…قصة قصيرة

بقلم:عبد المنعم هلال
.كلمة الكاتب
دي أول تجربة ليا مع القصة القصيرة هشاركها معاكم هنا و أحب أعرف رأيكم كلكم لو تسمحوا و تتفضلوا عليا بكده….أنا الحقيقة كنت أتمني أعملها فيلم قصير بس أنا معرفش طريق لده…عموماََ خلينا نقول إن بطل الرواية إسمه ( x ) و هو نفس البطل في الأربع مشاهد…أتمني تعجبكم :
الدائرة
مشهد 1 ( البيت )
كان ( x ) جالساََ علي كرسي أمام تلفاز صورته مهتزة يجب إصلاحه يعرض مشهد رومانسي لأحمد زكي و نجلاء فتحي… يتابع هو المشهد بتركيز و انتباه و كأنه أحمد زكي و الشغف يملأ عينيه.. . قطع تركيزه صوت أخته الصارخ بعنف في أمه فجأة :
_ أنا مش هقدر أستحمل العيشه الفقر دي أكتر من كده !!
كانت الأم تجلس علي أريكة قديمة خشبية تنظر لابنتها و عينيها ممتلئة بالحزن و الضعف و قد انتشرت التجاعيد في كل مكان بوجهها و شعرها الأبيض بأكمله يشير إلي أنها تخطت الثمانون عاماََ و الأخت تستمر في الصراخ فيها :
إنتِ السبب في كل اللي أنا فيه و كل اللي حصلي ده…طول عمرك مبتحبنيش… ضيعتي شبابي و عمري…إنتِ السبب في كل الضياع اللي أنا عايشه فيه خليتيني تعبت و عجزت زيك…إنتِ إيه يا شيخة هتفضلي عايشه لحد ما تموتينا كلنا !!…
يدير هو وجهه ناحيتهم و علي وجهه كل علامات الضيق و الحزن و يظل ساكناََ مكانه لا يتحرك و يتابعهم بيأس و الأم ترد َعليها :
حرام عليكي يا بنتي أنا معلتش فيكي حاجه..إنتي اللي عملتي كده في نفسك…ربنا عمره ما هيسامحك أبداََ علي اللي بتعمليه معايا ده…
تضحك الأخت في سخرية عصبية مقهورة و هي تقول باستهزاء :
_ أيوة أيوة إتمسكني أوي علشان ابنك قاعد…شغل يهود…
نهض هو ببطء و تحرك ليقف بينهما قائلاََ :
_ خلاص كفاية كده
تستمر أخته في توجيه كلامها للأم و كأنها لا تراه :
ربنا مش هيسامحك إنتِ أبداََ..هيسيبك عايشه كده تفضلي تعجزي لحد ما تبقي كوم عضم…مش هيريحك ولا هياخدك علشان الموت ليكي راحة.. .
صرخ هو فجأة :
باااااس باااااااس …كفاية بقي…كفاية بقي موال كل يوم ده حرام عليكم
قالها و دفع أخته للوراء فتراجعت هي خطوتين علي أثر الدفعة لتنظر له باستنكار و دهشة و كأنها فوجئت بوجوده فصرخت فيه :
_ طبعاََ متمدش إيدك عليا ليه ؟!!…ما انت بالفها و بتضحك عليها علشان عجزت و بتخرف و عامل فيها حبيبها…بتمد إيدك عليا وانت ملاكش لازمه في الدنيا أصلا…إنت فاكر نفسك راجل ؟!! إنت ولا عارف تشتغل ولا تعيش في شقة تلمك و قاعد فوق نفوخنا هنا في الشقة المتر في متر دي وانت شحط كده…جتك خيبة في خيبتك…
تحاول الأم أن ترد بصرامة ضعيفة علي قدر عمرها :
_ ده لا بيتك ولا بيته…ده بيتي أنا…إنتوا الاتنين عايشين عندي في بيتي…
نظرت نحوها نظرة نارية و قالت :
_ ده بيت أبويا الله يرحمه مش بيتك..
_ يعني هو ابوكي وانا مش أمك !!
ضحكت مرة أخري باستهزاء و عينيها تمتليء بالدموع و هي تقول :
_ أمي !!…لأ إنت مش أمي…أنا بكرهك…
دخلت فجأة إبنتها ذات التسعة عشر عاما و ظلت تصرخ بهيستريا :
_ إسكتوا بقااااااااا…إسكتوا بقااااااااااااا….أنا زهقت منكم كلكم و زهقت من العيشه كلها….
إمتلأ وجهه بالحزن و اليأس و هو يشعر بكل عجز العالم و نظر في عيونهم جميعاََ أثناء الصراخ و نظر حوله في البيت الضيق القديم المتهالك و تراجع ببطء ليقف في المطبخ و أشعل سيجارة محاولاََ منع دمعة أن تسقط من عينيه بصعوبة و هو يتذكر كيف كان حال البيت منذ ثلاثون عاما و كيف كان يمتليء بالمودة و الحب…تقطع ذكرياته أصوات طرق عالي علي الجدران فيبدو أن الجيران يصلحون شيئاََ و اختلط الضجيج القادم من الجدران مع شجار أهله فأمسك برأسه و ازداد توتره فحاول أن يملأ كوبا من المياه و لكن يده كانت ترتعش من التوتر و القلق فسقط الكوب من يده ليتحطم و يبلل الماء بنطاله…مال علي الأرض يلملم بقايا الزجاج و جائت أخته علي صوت تحطم الكوب و نظرت نحوه قائلة :
_ إتفضل نضف كويس اللي هببته ده وراك أنا مش هعمل حاجه أنا مش الخدامة الفلبينية هنا..
قالتها و انصرفت…و ضغط هو علي قطعة زجاج و هو مغمض عينيه لا يشعر من الحزن و الغضب فانجرح كفه و تأوه لينظر إلي الدماء التي تسيل من كفه… نهض و اتجه نحو دورة المياه ليغسل يده و اخترقت أذنه صوت موسيقي المهرجانات تأتي من عند الجيران التي يبدو أنهم يستمعون لها أو العمال الذين يقومون بالإصلاحات لا يدري بالتحديد…لا يدري سوي أنه لم يعد يحتمل فاستند علي الحوض ينظر لوجهه لدقائق في تعب شديد ثم وضع حول جرح كفه شاش و خرج ليتجه إلي كنبة مثل التي تجلس عليها أمه و نظر نحو عينيها في طريقه ليتبادلا نظرات اليأس و الحزن…جلس علي الكنبة و ازداد الصداع في رأسه…الأفكار اللعينة تطارده أن يقتل الجميع و يقتل نفسه…لم يحتمل كل ذلك القدر من الضغط العصبي…التقط علبة من درج بجانبه و ظل ينظر لها متردداََ للحظات ثم اتخذ قراره و فتحها ليأخذ منها ثلاثة أقراص و يتمدد لدقائق حتي سري مفعول الأقراص في جسده و ذهب في النوم….
مشهد 2 ( السيارة ) :
يدور علي المذياع مشهد من فيلم عربي قديم لأحمد زكي و نجلاء فتحي و ينصت ( X ) إليه بانتباه مبتسما بكل كيانه و كأنه أحمد زكي مغلقاََ كل نوافذ السيارة القديمة التي بالكاد تمنع عنه البرودة بالخارج و أصوات الزحام الشديد من حوله…يغوص في المشهد و يحاول أن يهرب من الشارع المزدحم تماما الذي يتحرك فيه بصعوبة له أكثر من ساعة…يبدو أن هناك أحد الشخصيات المهمة يغلقون الشارع الرئيسي من أجله فتكوموا جميعاََ هنا في هذا الشارع الفرعي…قطع تركيزه مع المشهد صوت رنين هاتفه فنظر نحو الإسم ثم ظهرت علامات الضيق علي وجهه…إنه مديره المزعج.. . تأفف و أغلق المذياع و أجاب :
_ ألو أيوة يا ريس
_ إنت يا باشمهندس قلتلهم يعملوا اللوحة بالمقاسات القديمة بدل الجديدة ؟
_ أيوة يا ريس أنا كنت شايف بس إن المقاسات القديمة من الجديدة مش هتفرق كتير و هتخلينا نخس…
قاطعه المدير بحدة صارخاََ :
_ شايف !!…شايف إيه !!…يا باشمهندس إنت متشوفش…إنت تسمع الكلام و تنفذ و بس و اللي أقول عليه أنا هو اللي يمشي…فاهم ولا مش فاهم ؟!!
شعر بالقهر و الإحراج و هو يجيب بتردد :
_ يا فندم أنا…
قاطعه المدير مرة أخري صارخاََ :
_ مش عايز أسمع أي كلام تاني في الموضوع ده….دي تاني مرة أنبهك إنك مجرد موظف في الشركة بس…أنا هنا المهندس المسؤول..إعرف مكانك و حدودك و متتخطهاش…رؤيتك دي تقولها في بيتك…دي آخر مرة هحذرك المره اللي جايه تعتبر نفسك مرفود..
أنهي كلامه و أغلق المكالمة في وجهه…استمر شعوره بالقهر و الحزن و الغضب و ألقي بالهاتف بجانبه…شعر بالحرارة تسري في أذنيه و جسده رغم برودة الجو فقام بفتح زجاج النافذة بجانبه التي هجم منها علي أذنه ضجيج موسيقي المهرجانات القادم من السيارة التي بجواره فازداد توتره و لم ينتبه أنه لم يتوقف و اصطدم بالسيارة التي أمامه فَفُزع وتوقف فجأة و كان سائق السيارة التي أمامه يستمع إلي إذاعة القرآن الكريم فنظر في المرآة نظرة نارية و هبط من سيارته ينظر نحو مكان الصدمة و رغم أنها كانت صدمة خفيفة إلا أنه ظل يسب الدين له و للحياة و للطريق و يحسبن عليه…هبط هو الآخر من سيارته و هو يشعر بالخوف و ازداد توتره و شعر بقدميه ترتعدان و ظل يعتذر له و لم يبالي الرجل باعتذاره فاستمر في السباب له و دفعه بعيداََ عنه ثم عاد ليركب سيارته إلا أن الدفعة جعلت ( x ) يستند علي سيارته كي لا يسقط فجُرح كف يده في حافة الصاج فتأوه و أمسك بيده و ظل ينظر حوله نحو السيارات التي تعالي نفيرها جميعا يحثوه علي التحرك و تنهال الشتائم عليه و اختلط كل ذلك بأصوات الدق علي أنابيب البوتاجاز من عربة كبيرة أخري بجوارهم فأمسك برأسه و عاد إلي سيارته و تحرك بصعوبة بها حتي استطاع أن يتوقف بمحازاة الرصيف ليبطل المحرك و يلتقط زجاجة مياه من وراءه و يحاول فتحها بيد واحدة و لكن توتره و يده التي ما زالت ترتعش جعلت الزجاجة تسقط من يده فتغرق حجره بالمياه…شعر بالغضب يكاد يدمر رأسه و بدأ يشعر بصداع شديد فأمسك بالزجاجة ليحافظ علي ما تبقي بها من مياه و نظر نحو التابلوه مترددا للحظات ثم أخرج منه شريط دواء و أفرغ منه ثلاثة أقراص ليبتلعهم مرة واحدة و أشعل سيجارة و عاد برأسه للوراء ليترك تأثير الأقراص َ يسري في رأسه رويدا رويدا و فتح باب سيارته و بدأ يغسل كفه من الدماء بهدوء شديد بما تبقي من المياه…
مشهد 3 ( الزوجة ) :
كان جالسا أمام التلفاز يتابع مشهدا رومانسيا من فيلم عربي قديم لأحمد زكي و نجلاء فتحي…علي وجهه ابتسامة و هو يغوص بكامل وجدانه داخل المشهد وكأنه أحمد زكي و كأن زوجته هي نجلاء فتحي…كم سنين مرت علي تلك اللحظات الرومانسية….أحيانا يشعر و كأنهما شخصين آخرين غير اللذان كانا يمسكان بكفي بعضهما البعض في يوم ما في ذلك المكان الهاديء و عيونهما تحتضن بعضها…قطع أفكاره الرومانسية خروج زوجته من الغرفة الجانبية و جلوسها بجانبه و كأنها لا تراه و أمسكت بهاتفها تنظر فيه…تابعها بعينيه ثم قال في مجاملة غير حقيقية :
صباح الخير يا حبيبي إزيك ؟
نظرت له بضيق ثم عادت بوجهها نحو الهاتف و هي تقول :
إيه الفيلم اللي انت بتتفرج عليه ده ؟!!
تأفف ثم قال :
آه…فيه شوية نكد عالصبح ؟
نظرت نحوه ببرود قائلة :
نكد إيه بس بعد اللي انت بتتفرج عليه ده يابني !!
عاد بوجهه نحو التلفاز و ساد الصمت للحظات و ملامح وجهه يملؤها الغيظ و الغضب فتحركت هي بتحد و وقفت أمام التلفاز تمنع عنه الرؤية متعمدة لتلتقط علبة السجائر و تشعل سيجارة و تعود لتجلس مكانها فعاد بنظره نحوها و قال :
هو في إيه يا حبيبي ؟ إنتي بقالك كتير متغيرة و مش عاجبك أي حاجه بعملها ما تقوليلي مالك ؟
مفيش
_ لأ فيه…قولي مالك علطول
نظرت نحوه لحظات ثم قالت ببرود :
أنا زهقت…علي فكرة وانت كمان زهقت…
زهقتي من إيه و انا زهقت من إيه مش فاهم ؟
_ أنا زهقت من كل حاجه ؟
قال بضيق :
_ إتكلمي علطول
نفثت دخان سيجارتها ثم أطفأتها بحسم و كأنها اتخذت القرار ثم نظرت نحوه و قالت :
_ إنت عارف أنا بحبك قد إيه صح ؟
قال لها بشك :
_ المفروض إني عارف
_ مش هتزعل مني يعني ؟
_ أزعل من إيه ؟!! لو سمحتي إتكلمي علطول
_ أنا عايزة أتطلق
إتسعت عيناه من الدهشة و لم يجد ردا مناسبا فتغيرت ملامحها قليلا من البرود إلي الحزن و الشفقة عليه إلا أنها سرعان ما تحكمت في إنفعالاتها و عادت للبرود و هي تقول له :
_ أنا آسفة..بس ده قرار نهائي…أنا مش عايزة أكمل خلاص…أنا هروح عند ماما شويه لحد ما نخلص الموضوع .
أنهت كلامها و نهضت و تركته جالسا مكانه متسمرا لا يعرف ماذا يفعل في تلك المفاجآة و الحيرة تملأ كل أركان وجهه…مضت خمس دقائق خرجت هي بعدها من الغرفة و بدأت تضع مكياجها أمام المرآة و كأن شيئا لم يحدث…نهض و تحرك هو ببطء و دخل المطبخ و بدأ في صنع القهوة يحاول أن يستوعب ما دار بينهما و فجأة تعالي رنين هاتف زوجته الذي كان نغمة موسيقي مهرجانات فشعر بأن الدماء تغلي في رأسه من تلك الموسيقي فهي تعلم جيدا مدي كرهه لها و بدأ يتأفف ثم إنفعل فجأة و قال لها بصوت عال جدا و غاضب :
_ يا تردي يا تعمليه سايلنت
انتهي الرنين و تحركت هي بكل برود نحوه في المطبخ لتقبله قبلة علي خده و تمضي خارجة من البيت !! و ظل هو للحظات ممسكا بكنكة القهوة يحاول أن يدرك ما يحدث و ما أن استدار ليضع القهوة في كوب زجاجي حتي إخترق أذنه صوت شنيور من الجدار وراءه فيبدو أن الجيران يصلحون شيئا فزع من الصوت و اهتزت يده لتسقط القهوة علي بنطاله و ارتبك محاولا منع الكوب من السقوط فخدشت يده في حافة البوتاجاز الحادة لينجرح كفه فوصل انفعاله لأقصي حد و هو يمسك بكفه التي سالت منها الدماء و أمسك بكنكة القهوة ليقذفها في الحوض بعنف… تحرك نحو الحمام ليغسل يده و ينظر في المرآة ليتأمل وجهه الذي يملئه الحزن و اليأس و وضع علي جرح كفه لاصق طبي و ذهب نحو غرفة النوم..التقط سيجارة من علبة سجائره و أشعلها و ظل ينظر نحو درج ما مفكرا للحظات ثم حسم أمره و فتح الدرج ليخرج منه علبة دواء و أفرغ منها ثلاثة أقراص ثم ابتلعهما و ساد الصمت التام….
مشهد 4 ( المستشفي ) :
كان يجلس ( x ) في غرفة واسعة في تلك المصحة النفسية و العقلية علي كرسي لا يتحرك متسمرا مكانه و عينيه ثابتة علي التلفاز أمامه الذي يعرض مشهدا رومانسيا من فيلم عربي قديم لأحمد زكي و نجلاء فتحي…ليس علي وجهه أي علامات تدل علي التأثر بما يشاهد اللهم إلا عينيه التي لا تبتعد عن الشاشة…كان محاطا بنزلاء آخرين و فجأة بدأ إثنين منهما يتشاجران علي سيجارة يحاول أحدهم أن يأخذها من الآخر….نظر نحوهما ببطء و وجهه خال من الإنفعالات ماعدا أنه يحركه بين الشاشة و بينهما ببطء ملحوظ ثم نهض و تحرك بحركة بطيئة آلية تشبه حركة البطريق حتي وصل إلي نهاية الغرفة حيث ممرضان يقفان خلف شباك يفصل غرفتهما الصغيرة عن غرفة المرضي و أخذ يشير إليهما و ينظر نحو هاتف أحدهما الذي يخرج منه صوت موسيقي مهرجانات فانتبه له الممرض و سأله :
_ عايز إيه ؟
لم ينظر ( X ) نحوه و ظل ينظر نحو الهاتف فمال الممرض بجسده نحو زاوية عينيه لينظر له و هو يلوح بيده أمام وجهه ليلفت انتباهه و هو يعيد السؤال :
_ عايز حاجه ؟
أدار وجهه نحوه ببطء و هو يشير نحو علبة سجائره و يشير نحو فمه علامة أنه يريد سيجارة فقال له الممرض ببرود :
_ لأ انت ممنوع السجاير عنك قبل الغدا…تاخد سيجارتين بعد الغدا بس
بدا عليه أنه لا يسمعه و هو يكرر نفس الحركة و يشير له أنه يريد سيجارة فتأفف الممرض و هو يقول مرة أخري :
_ بقولك مفيش سجاير دلوقتي بعد الغدا بس
نظر نحوه الممرض الآخر و قال للمرض الأول :
_ هو مبيسمعش ؟
فقال الأول باستهزاء :
_ لأ ياعم بيسمع و بيستهبل بس هو تقريبا مبيحسش بس
فقال الآخر :
_ مبيحسش إزاي ؟
_ إستني هوريك
قالها و التقط مشرط من جواره و أمسك بعلبة السجائر باليد الأخري و كأنه سيعطيه سيجارة فمد ( X ) يده فقام الممرض بجرح كف يده فجأة بالمشرط فلم يبد أي رد فعل علي وجهه و لم ترتد يده حتي للوراء رغم أن الدماء سالت منها فضحك الممرض الآخر مندهشاََ و قال الأول و هو مبتسم :
_ شفت ؟ ولا كأني عملت حاجه
لم ينتبه أحد منهما للمياه التي سالت من بنطاله…لم يلحظا أنه بال علي نفسه من الخوف الذي يشعر به بداخله…أمسك الممرض الأول بيده و مسح الدماء بمنديل و وضع له لاصق طبي و قال له بحدة فجأة :
_ يلا بقي إرجع مكانك مفيش سجاير دلوقتي
ثم صرخ في وجهه فجأة بحدة أكبر :
_ يلا إتحرك
تراجع هو ببطء و جلس علي أقرب كرسي و فجأة دخل عمال من الباب الرئيسي و أخرجا بعض المعدات و بدأوا يصلحون شيء ما في الكهرباء بالشنيور و اختلط صوت الشنيور بشجار المرضي بصوت المهرجان الصادر من هاتف الممرض فبدأ يتوتر( x ) و يهتز بجسده يمينا و يسارا و يزداد الاهتزاز شيئا فشيئا ثم بدأ يصرخ فجأة بهيستيريا شديدة و هو يمسك برأسه ففزع الممرضين و فتحا الباب الفاصل بينهما و بين المرضي في نفس الوقت الذي صمت فيه الجميع و اتجهوا بأنظارهم نحوه و دخل الطبيب من الباب الرئيسي علي أثر الصراخ و هو يسأل الممرضين عن سر صراخه و أجاب الإثنين بأنهما لا يدريان ماذا حدث فقد فعل ذلك فجأة !! فأمرهما بأن يمسكا به جيدا فقد كان يقاوم بشدة إلا أنهما استطاعا التغلب عليه و إدخاله علي فراش في غرفة نوم جانبية و قاما بتقييده في السرير من يديه و قدميه حتي لا يقاوم و قام الطبيب بإعطاءه حقنة مخدر قوية فبدأ علي أثرها جسده يهدأ و تركوه جميعا و خرجوا من الغرفة و لم يلحظ أحد تلك الدمعة التي سقطت من عينه قبل أن تنغلق و يذهب في نوم عميق…
( تمت )
- مصر الجديدة في 28 ديسمبر 2019
- تأليف : عبدالمنعم هلال