مصطفي التوني يكتب: معاقون من نوعٍ آخر!
مصطفي التوني يكتب: معاقون من نوعٍ آخر!

اليوم الثامن/القاهرة
في أغلب بيوتنا الان حينما يجلس الواحد منا يتابع البرنامج اليومي لأولاده منذ استيقاظهم من النوم وحتى العودة للنوم مرة أخرى يجد كأنه يرى أمامه معاقين ! نعم معاقين عن الحركة رغم سلامة بنيانهم معاقين عن الفكر رغم سلامة عقولهم معاقين عن القيام بواجباتهم رغم قدرتهم عليها ! اذاً ما الذي أوصلهم إلى هذه الدرجة ؟!طالما لا يوجد ما يُعيق حركتهم أو فهمهم؟ والاجابة انا وانتِ و انتِ وهو. نعم حينما ربيناهم على عدم تحمل المسئولية فى كل شيء، حينما تحملنا ما لا يطاق لتلبية رغباتهم وتحقيق مطالبهم دون أدنى مشاركة منهم؛ والنتيجة أصبح لدينا جيل يحمل ثقافة الاتكالية بدل من ثقافة المشاركة وتحمل المسئولية. بدأنا ترسيخ هذه الثقافة فيهم منذ نعومة أظافرهم حينما عودنا الواحد منهم على عدم ترتيب غرفته عند استيقاظه من النوم ،عندما تركناه يستبدل ملابسه ويلقي بالاخرى في أي ركن من الغرفة ، عندما عودناه على تناول وجباتة دون أن يتكرم بالمشاركة في إعدادها او حتي غسيل طبقه الذي أكل فيه أو كوبه الذي شرب منه ،عندما تركناه يذهب لمدرسته او جامعته ثم يعود لينام ليسهر على سنابشات أو تويتر أو إنستجرام أو يشاهد حلقات متتابعة من مسلسل جديد ومن باب الحنان الزائد نقدم له خلال سهره او متابعته لهذه الوسائل وجبات جاهزة وكل ما عليه هو أن “يأخذ بريك” ويمد يده ليأكل، ويعاود الجهاد أمام شاشة هاتفه أو الآيباد أو اللابتوب،والذي يتكرم منهم بالجلوس فى أوقات فراغه مع بقية أفراد أسرته لا ينسى أن يتصفح شاشة هاتفه ليظل حاضراً وقريباً من أصحابه الذين يقضى معهم جُلّ أوقاته حتى لا يفوته تعليق أو صورة أو فضول فيما يفعله الآخرون، وللأسف لا يساهم أحدهم ولا يشارك فى أى مسؤولية فى البيت ولو بالشيء القليل؛قمة الاتكالية تربوا عليها بدلاً من تحمل المسئولية وظللنا هكذا حتي بقى الآباء والأمهات تحت وطأة تحمل هذه المسئولية لأنهم لم يعودوا أبناءهم عليها وياليتهم حين يكبرون يشعرون بمعاناة ابائهم خاصة اذا تقدم بهم العمر .
لا شك اننا السبب لأننا استطعنا بتفوق أن نصنع معاق بدرجة امتياز ؛ نعم فأن المعاق ليس من فقد أحد أعضائه أو ذوى الاحتياجات الخاصة، فهؤلاء المعاقين لا يمثلون خطورة على المجتمع بل منهم من حقق نجاحات كثيرة، وأفادوا مجتمعاتهم لأن ذويهم ربوهم على تحمل المسئولية؛ أما هؤلاء معاقين نحن من كنا سبب في اعاقتهم حتي اصبح لدينا أجيال من الصعب الإعتماد عليهم في أي شيء حتى أحلامهم أصبحت تفوق الخيال لكن دون ادني مجهود منهم لتحقيقها.
آن الأوان أن نعيد حساباتنا في ترسيخ مبدأ تحمل المسئولية فى عقول أبناءنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ فإن أبينا فستعلمه الدنيا لكنها ستكون قاسية وصادمة .
