ادب ثقافة

الشاعر عماد الكيلاني يكتب:عمري ألفُ عام

اليوم الثامن

عمري ألفُ عام
٢٥-١١-٢٠١٩
(١)


عمري بلغتُ به ألفَ عامْ
تأكدتُ من ذلك وبالتمامْ
مررتُ بكل اجدادي
من كانوا هنا شخوصاً
حكموا البيتَ بعزة واهتمام
ولم يكونوا مجرد أعدادٍ
من هنا كُتِبَتْ صحائفهم
ولم يكن وجودهم ارقام !
(٢)
فجَدُّ جدّي كان شجاعاً
كان فارساً قوياً صلباً
وبالحروب مغواراً ومِقدامْ
كان شيخ مسجد القرية
مثلما كان للجامع الإمام !
وكان للسجلات مختاراً
ودلاّلاً مثلما كان عالي المقام
بل ربما كان سيد قومه
ورئيساً لقريته مشهودُ الاهتمام
وفي إدارة المناطق المحيطة
اظنهُ كان مسئولاً وقائم مقامْ!
في حِكمته هُمام
في شجاعته مِقدام
في قراراته صلباً
لم يكن جدُّ جدي ظالماً يوماً
بل كان دوماً مُحبّاً للسلامْ!
(٣)
وجّدي رجلٌ صاحب موقفٍ
يعرف التفاصيل بكل اهتمام
يدركُ معنىً رأيهِ
اذا استشاروهُ
واذا فوّضوهُ يوماً
كان جديراً بالحب والاحترامْ !
وجَدّي كان يكرهُ الخلافات
مثلما يمقتُ الحروبَ
ويكرهُ الموتَ الزؤامْ
لا يشارك بالمعارك الاّ
كفارسٍ يذودُ الحمى
وسيّدٍ شجاعٍ
يواجه الردى والانتقام!
(٤)
وجدُّ جدي الذي كان يناديني
كل فجرٍ للصلاة
يبدي للناس كلهم حسنَ اهتمام
يقابلهم
يستمع اليهم
يشاركهم كل الافراح
والأتراح
يحضر الاجتماعات كلها
مواظبٌ بين الناس على الدوامْ
يعطي رأيه صادقاً
كلامه رصينٌ كله احتشامْ
لم اسمعهُ يوماً يصيح بوجههم
او يغادر اجتماعاً
دون ان يبدي حرصه مستمعاً
ومعبراً عن فكر الناس بينهم
وليس يغوى التراجع
او انني سمعته مرة يُلامْ !
(٥)
من عايشوهُ شخوصاً
من شاركوهُ حضوراً
وكانوا معه دوماً لا يتأخروا
كلاّ ولا يغيبوا مرةً
كانواً رجالاً صادقين عِظامْ !
مواقفهم
آراؤهم
حتى أسماؤهم
وقلوبهم تقودها المحبةُ والوِئامْ!
فكلهم اجدادي
وكلهم أسيادي
وكلهم من الاجوادِ !
لا يضرهم من يوماً خذلهم
ولا يخذلوا من جاءهم يطلب الحماية
ألبسوه ثوب الرعاية والوصاية
وقفوا معه وقفة رجل فارس مقدام!!
(٦)
ما اجمل اللحظة التي كانوا
اذا اطلّ الصبحُ أشرقت وجوههم
واذا اجتمعوا على امرٍ مرة
يبدون كل أشكال الاعتبار والاهتمامْ
كانوا بالمواقف خيرُ من كانوا
كانوا رجالاً عنوانهم سادةُ اقوام
لا شك اذا تكررت بحقّهم
وصفة خاصة: لقد كانوا بالفعل “زْلامْ”
(٧)
حتى جدي لأبي
لما التقيته في اخر الليل
سألتهُ : اتراكَ تحيا الحياة دون خوف
اتراكَ الان معافى
سليماً
ام اراكَ تنشدُ الانسجام ؟
جدي عنوانٌ لكل مقام عالي
يداعب الاطفال كلهم
بلا استثناء
يعشقهم
يصادفهم بكل زاوية
فيعطيهم من حبه
وماله
بكل مودة ومحبة ووئام!
(٨)
في كل مرة نلتقي
يسامحني
لستُ ادري لماذا
بعدان يُسامرني
حكاياته كثيرة
شاملة حكيمة متنوعة
تفاصيلها مبدعة
الغاية منها راقية
آهٍ كم كان اجدادي رائعون
تجاربهم
افعالهم
أقوالهم
حتى تفاصيلهم
وما يطرحون
كلها ايات حكمة وحنكة واخلاق!
كان جدي يحذرنا من لعنة الأسواق
من الجلوس على أطراف الشوارع
وكثرة الحديث هنا
فتلكَ مصادر الخير والأرزاق !
(٩)
كلما مرَّت بي الذاكرة
وعلمتُ يقيناً ان عمرك زاد عن ألف عام
وإنني هرمتُ بخبرتي
ولانني كلرتُ بتجربتي
ولأن العمر بالسنوات
تملأها سبرٌ وعطايا وآهات
تلك الأعوامُ جعلتني لا انام
بل انزلتني منازل العوام
تبكي النفسُ على زمن راحة البال
وتبحثُ النفس عن الانسجام
ولو بعد الف عام !!
(١٠)
فما تشكّل في منامي
ذات ليل
أيّ نوع من الاحلام
ولا مرّت بذاكرتي حكاية
سوى بعض شخوص
وروت سريعاً بضع ثوان
كأنها سردية من الاوهام !
حاولتُ مرة تذكّر الاحلام
فما استطعت
كلاّ ولا حالفني الحظ
ان ادوّن تلك التفاصيل
بكل أشكال الكتابة
حتى تكسرت على كراستي الأقلام
يا ليتني مرةً حلمتُ شيئاً
يعيدني لواقع اشتهيه
بعد ان امضيتُ في غيبوبتي
سفراً طويلاً لألف عام !
(١١)
ما بالها الحياةُ تُغرقنا
بالهموم وبالأوهام
حتى بتنا عرايا لا ننام
وصرنا نبحث عن بعض راحة البال
بغير مقام
تعبنا
فلا شيء عاد لطبيعته
او حتى اعتدل واستقام !
وتبدلت كل الظروف
والأحوال والمهامْ !!!

عمري ألفُ عام
د.عماد كيلاني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى