نهال السيد تكتب: الرحمة يا….بشر

الرحمه يا بشر
كثيرا ما كنت أتسائل بيني وبين نفسي هل القلوب الرحيمه المتسامحه هي نتاجا طبيعيا لتربيه حسنه سويه من أسرهم اللتي زرعت فيهم حب الخير والقيم والمثل الطيبه فينشأ الشخص بطبيعه الحال رحيم القلب عطوفا لين الطبع ؟ وهل من ينشأ في أسرة مفككه وفي ظروف صعبه وغير سويه لم ترحم طفولته وأنسانيته من الضروري أن ينشأ غليظ القلب غير مباليا بالأخرين علي أساس أن فاقد الشيء لا يعطيه ؟؟
…ولكن مع مرور الوقت عرفت الإجابه فلقد أقتنعت تماما أن الموضوع ليس له أي علاقه بتربيه الأسرة وإن كانت قطعا التربيه الأسريه السليمه تثمر في الأشخاص ذو الأنفس السويه المجلوبه بطبعها علي حب الخير فترسخ فيها بكل تأكيد قيم الرحمه والتسامح بين البشر ولكن هذا ليس شرطا ولا قاعدة ؟؟ فكم من أشخاصا نشأوا نشأه سليمه ولكن قلوبهم بطبيعتها قاسيه غليظه ؟؟ وكم من أشخاصا عاشوا في ظل أسر مشتته وفي ظل ظروف صعبه ماديا وأجتماعيا ولكن أنفسهم السويه جلبت علي حب الخير ورزقها الله لين الطبع والمحبه فالقلب الطيب اللين الرحيم رزق من الله ليس إلا ؟؟ فمن يحبه الله يرزقه لين الطبع
،….ولعل ما أستفزني اليوم لأن أكتب في هذا الموضوع تحديدا هو تلك الحادثه البشعه اللتي راح ضحيتها شابا مشردا فقيرا يهيم علي وجهه في الشوارع وإذ به في ظل حرارة الجو الشديدة يبحث عن شيئا يروي به ظمأه فأمتدت يدة الي ثلاجه خاصه بسوبر ماركت بوسط البلد ليلتقط زجاجه مياه غازيه ولكن قبل أن يشرب نقطه واحدة منها ليروي بها ظمأه الشديد أمتدت اليه أيادي القاسيه قلوبهم عمال السوبر ماركت لتأخذ منه الزجاجه ويسحبوة بكل قسوة الي داخل المحل ويجتمعوا جميعا عليه ليضربوة ضربا مبرحا بكل ما تحمله قلوبهم من قسوة وتجبر وغلظه ولم يتركوا الشاب المسكين الا بعد أن لفظ أنفاسه الأخير وهو ظمأن ليلقي وجه ربه الرحيم ليشكوا له قسوة البشر وجبروتهم …..؟؟؟.
. ودعوني أطرح سؤال هل كان الأمر حقا يستحق كل هذة البشاعه ؟؟ هل من أجل زجاجه مياه غازيه تزهق حياه شابا مشردا ؟؟ هل لم يكن من بين هؤلاء العمال رجلا منهم رشيدا ؟ يمنعهم عن ضرب هذا الشاب اللذي كان يريد فقط أن يروي ظمأه ؟؟ هل قلوب هؤلاء نسيت الرحمه لهذة الدرجه ؟ الم يكفيهم حال الشاب الهائم علي وجهه وهو لا يملك ثمن زجاجه مياه غازيه ؟؟ فأرادوا أن يلقنونه درسا بضربه ضربا مبرحا لدرجه إزهاق روحه ؟؟ يا الهي أنه لم يسرق نقودا أنه فقط كان يريد أن يروي ظمأه ؟؟؟ أي قلوب قاسيه أنتم ؟؟ من أي شيء مصنوعه قلوبكم ؟؟؟ أين كانت قلوبكم والشاب يصرخ من شدة الألم وأنتم مجتمعين عليه تضربونه بلا رحمه ولا شفقه ؟؟؟
….حقا لا أجد إجابه واحدة منطقيه تشفي غليلي إلا أن قلوبهم بالفطرة غليظه قاسيه منزوعا منها الرحمه ؟؟ وقد نسوا أن الراحمون يرحمهم الله ؟؟ …وبكل تأكيد أننا جميعا صادفنا في حياتنا مثل هذة النماذج من البشر وإن أختلفت بالطبع في تفاصيلها ولكنها أشتركت في غلظه القلب وإنعدام الرحمه وهؤلاء عادة ما يشتركون في سمات معينه فنجد القسوة عندهم أسلوب حياه ؟؟ فنراهم يسيئون للجميع بدءا من معامله الحيوانات بكل شراسه والمشردين بكل قسوة و تعاملهم مع معارفهم وزملاءهم بكل جبروت نهايه بإيذاءهم لأي شخص شاء حظه العاثر أن يتعامل معهم ؟؟
فهؤلاء بطبيعتهم القاسيه لا يترددوا أبدا أن يأذوا الأخرين سواء لفظيا أو جسديا أو بإيقاع الضرر بهم بأي شكل أيا كان ؟؟ ولعل هذا الأمر يبدو لنا جليا في حوادث التنمر اللتي نسمع عنها مابين الحين والأخر ؟؟ فكما أن الرحمه لا تتجزأ فإن غلظه القلب أيضا لا تتجزأ ؟؟ وبكل أسف فلقد نسي هؤلاء أن الله رحيم وأشتق أسمه من الرحمه ؟؟ و نسوا أيضا أنه كما تدين تدان وأن الله يمهل ولا يهمل ولكن ماذا تقول في قلوب خلقت من حجر فأصبحت القسوة بالنسبه لهم كالهواء اللذي يتنفسونه وقانا الله أيانا واياكم شرهم ..،ولا يسعني في النهايه الا أن أدعو بالرحمه والمغفرة للشاب المشرد المسكين اللذي لقي مصرعه علي يد هؤلاء القساه معدومين الرحمه والضمير .