مقالات وتحقيقات

أسرار الحوار الجذاب

بقلم الدكتور ربيع حسين 

عزيزي القاريء ، بعض الناس يتمتعون بقدرة كبيرة على جذب إنتباه الآخرين أثناء حوارهم ، حيث تشعر أن أسلوبهم جذاب وفعّال ، فيستخدمون ألفاظا رصينة رنانة وطبقة صوت مناسبة للعبارات ولغة جسد معبرة . 
بينما البعض الآخر يتسمون بالحوار الممل والثرثرة الجوفاء ، تمل من حوارهم سريعا وتود لو أن الحوار معهم لم يكن . 
ولكي يصبح حوارك جذابا وفعّالا ، يجدر بك أن تضيف بعض الحليّ (مثل الحلّي والمكياج الذي تتزين به المرأة) وأقصد به هنا المحسنات البديعية التي تضيف إلى حوارك مذاقا خاصا مثلما تفعل البهارات بالطعام شيّق المذاق . 

وهناك العديد من الأسرار التي تجعل حوارك جذابا وفعّالا ، وقد أوضحت كل تلك الأسرار في كتابي “أسرار الحوار الجذاب” ، وأهم تلك الأسرار ما يلي : 

أولا : رتّب أفكارك قبل الحوار : من المهم جدا أن تقوم بترتيب أفكارك قبل الدخول في الحوار مع الآخرين ، وذلك يجعل أفكارك تنساب بسهولة ، وتصل إلى الطرف الآخر بترتيب مسلسل ، كما يجب أن يكون ترتيب الأفكار منطقيا ، وذلك يعني أن كل فكرة تكمّل ما قبلها وتمهّد لما بعدها ، وبالتالي تنساب أفكارك إلى المستمعين بطريقة يسيرة سلسة ، واعلم أنك كلما تدربت على ترتيب أفكارك قبل الحوار مع الآخرين ، كلما أصبح ذلك الأمر يسيرا وتلقائيا ولا يحتاج إلى عناء أو مجهود بعد ذلك . 

ثانيا : طريقة التعبير عن أفكارك أثناء الحوار : مهما كانت أفكارك جيدة ورصينة ، فإن قوة أفكارك لا تكمن فقط في كونها صحيحة أو كونها مميزة ، بل تكمن في طريقة تعبيرك عن تلك الأفكار ، فكم من أفكار كانت رصينة ومميزة ، إلا أن طريقة التعبير الضعيفة جعلتها أفكارا باهتة لا تأثير لها . 
إن ضعف قدرتك على التعبير يجعل أفكارك تفقد قيمتها وتتهاوى أمام أفكار أقل منها في القيمة (كأنها أفكار منزوعة الدسم) ، إن طريقة تعبيرك عن أفكارك هى بمثابة الملابس التي تزهو وتتجمل بها أفكارك ، فاحرص دائما على طريقة عرض مميزة لأفكارك . 

ثالثا : التحدث بالقدر اللازم : الحوار الفعال مبني على قاعدة هامة ألا وهى “الكلام كالدواء .. قليله ينفع وكثيره يضر” ولذلك يجب أن تتحدث بالقدر اللازم فقط ، حسب إحتياج كل موقف ، ولا تظن أن من يتكلم كثيرا هو من يكسب في الحوار ، بل من يتحدث بالقدر اللازم في الوقت المناسب ، وتذكر دائما أن كثير الكلام يُنسي بعضه بعضا ، وبالتالي يجب أن تدرس جيدا الفائدة المرجوة من كلامك ، فكلمة واحدة قد تقلب الطاولة عليك ، وأيضا كلمة واحدة قد تنجيك من مأزق كبير .

رابعا : تنويع نغمة الصوت : من فنون الحوار الجذاب أن تقوم بتنويع نغمة صوتك ، وأن تستخدم النغمة المناسبة للتعبير عن كل فكرة بما يناسبها ، فمثلا الأفكار الحماسية تحتاج إلى نغمة عالية تدل على الحماس ، بينما الأفكار العاطفية تحتاج إلى نغمة دافئة رقيقة تدل على العواطف ودفء المشاعر ، واعلم أن حديثك بنغمة واحدة (monotone) يجعل حديثك رتيبا مللا ، ويكون بعيدا عن الجاذبية والتأثير في الآخرين . 

خامسا : تفعيل الجانب العاطفي : من أهم أسباب نجاح حوارك مع الآخرين ، تفعيل الجانب العاطفي في تعبيرك عن أفكارك ، بمعنى تغليف أفكارك بغلاف من المشاعر والعواطف ، إن اللعب على وتر العواطف والمشاعر يفعل في كثير من الأحيان ما لا تفعله الأفكار التي تخاطب العقل والمنطق ، ولذلك خاطب عواطف الناس وداعب مشاعرهم ، واعلم أن كثيرا من قرارات الناس مبني على الجانب العاطفي وعلى الإرتياح النفسي ، وقد يتنازل الإنسان عن كثير من الأمور لمجرد شعوره بالإرتياح ، والعكس صحيح . 

عزيزي القاريء ، اعلم أن تحسين طريقة حوارك يضفي إلى شخصيتك مذاقا خاصا ، كما أنه من أوجه التقرب إلى الله عز وجل ، حيث قال الله جل جلاله (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53) … سورة الإسراء 

وفي الختام ، درّب نفسك كثيرا على تلك المهارات الخمس ، وسوف ترى نتائج رائعة في تحسن طريقة حوارك مع الآخرين .. بس كدا .. حياكم الله . 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى