المراه والطفل

دراسة…..الأم العاق

اللم العاق

كتبت : سماح عبد العزيز

دائما نتحدث عن عقوق الابناء للآباء والأمهات ولكن حديثى اليوم عن عقوق الامهات للابناء.
لم يأتِ اهتمام الإسلام بالوالدين عبثاً، ولم تكن الدّعوة لصون حقوقهما بلا مُبرّر، وإنّما جاء ذلك بسبب فضلهما العظيم على أبنائهما،
فإذا كان للآمهات على الأبناء حق الطاعة فى غير معصية الخالق عز وجل، والبر بها والإحسان إليها، فإذا وَفَّى بها الأبناء كانوا بارين بأمهاتهم، وإذا أخلوا بها كانوا عاقين لهما،
فإن للأبناء على الامهات كثيرًا من الحقوق إذا ما وفوا بها كانوا بارين بأبنائهم وإذا أخلوا بها كانوا عاقين لهم أيضًا.

ولكن ـ للأسف ـ هناك أمهات من لا تعرف “فقه الأمومة”، ولا تقدر خطورة المسئولية الملقاة على عاتقها، ولا ترعاها حق رعايتها، فتدفع أبناءها بسوء تصرفاتها وعنفها وقسوتها معهم إلى عقوقها والتمرد عليها، فينهدم صرح الأمومة في البيت، ويتصدع جدار البر الواجب على الأبناء، فتعيش أسرة هذا حالها في جو مشحون بالعنف والغضب والكراهية والتربص وسوء الظن . وفي الحديث “والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها” صحيح البخاري (893) صحيح مسلم (1829).
ومشكلة بعض الأمهات عزيزى القارئ أنها ربما تعاني من آثار قسوة ذاقت مرارتها في طفولتها أو صباها ـ والله أعلم ـ ، أو أنها لم تتشبع بمفهوم الأمومة السوية، فالأم في البيت هي الراعية، والحانية، والبانية .. وقد تكون (الجانية) إن هي فقدت المكونات النفسية والاجتماعية للأمومة .
ولذا فإن علماء الاجتماع يحللون نفسية الأم العنيفة القاسية على أولادها، فيرجعون قسوتها تلك إلى عدة أسباب فيقولون:” والأسباب ذات الجذور القديمة تكون نابعة من مشكلات سابقة أو عنف سابق، سواء من قبل الآباء أو أحد أفراد العائلة، أما الأثر الحاضر فتكون جذوره مشكلة حالية، على سبيل المثال خلاف الأم مع زوجها، قد يدفعها إلى ممارسة العنف على أولادها، وبالتالي فإن الشخص الذي ينحدر من أسرة مارس أحد أفرادها العنف عليه، ففي أغلب الأحيان أنه سيمارس الدور نفسه، لذا من الضروري معرفة شكل علاقة الأم المعتدية على أولادها بوالدتها في صغرها، وفي الغالب تكون تعرضت هي نفسها للعنف، لذا فبالنسبة لها تعتقد أن ما تقوم به من عنف تجاه أولادها هو أمر عادي كونه مورس عليها، ومن حقها اليوم أن تفعل الشيء نفسه رغم معاناتها منه سابقاً.

كما يرى البعض أن المشكلة تكمن في عدم وعي الأمهات لمتطلبات المراحل العمرية للأبناء والتي تتغير باستمرار، وبمدى أهمية توفير العاطفة قبل المادة للأولاد. وهذه الحالة
تدفع الفتيات خاصة إلى البحث عن بديل يمدها بالعاطفة والحنان الذي تحتاجه، مما يؤدي إلى غيرة الأم، من هنا يبدأ الشرخ في العلاقة بين الأم وابنتها”
ولعل من آثار هذا الشرخ النفسي لدى الأم تفضيل بعض الأولاد على بعض، أو تفضيل الولد على البنت ـ كما في حالات كثيره ، وهي مخالَفة شرعية يقع فيها بعض الآباء أو الأمهات دون أن يدروا.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ” سووا بين أولادكم في العطية ، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء” أخرجه البيهقي في السنن (6/177) وحسن إسناده الحافظ ابن حجر.

من أسباب عقوق الوالدين تفريط الآباء والأمّهات بواجباتهم تجاه أبنائهم وذلك يُسهم في إنشاء جيل لا يعترف بحقوق الآباء والأمّهات، ولا يرعى فضلهم ،

وعدم إدراك بعض الآباء أنَّ مفهوم التربية أوسع من مجرّد العناية والرّعاية الجسديّة والصحيّة، وإنمّا يشمل الرعاية النفسية، والتربية على الأخلاق الحميدة الحسنة. استعجال الوالدين للوصول إلى نتائج التربية وثمارها، وإجبار الأبناء على تلبية أوامرهما، وعدم التهاون في زلّاتهم وأخطائهم، والعنف في التربية، كلّ ذلك يولّد مشاعر سلبيّةً تجاه الوالدين مستقبلاً. الدلال الزائد للأبناء والتعامل معهم بتهاوُن بحُجّة صِغَرِ سنّهم؛ فالتربية عمليّة تراكمية تبدأ منذ الصِّغرِ. الاتّكالية بين الأباء والأمهات على مسؤوليّة تربية الأبناء. العطف الزائد من الأجداد، ممّا يترتّب عليه إفساد تربية الآباء والأمهات. اختلاف وجهات النظر في تربية الأبناء بين الآباء والأمّهات، ممّا يؤدّي إلى ضياع الأبناء، وربّما إلى عدم انصياعهم لأحد.

فيا أيها الآباء بروا أبناءكم يبروكم، فإن عققتموهم فلا تستعجبوا عقوقهم، فكما تدين تدان، وضعوا نُصب أعينكم قول النبى صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهى مسؤولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته).

وختامٱ:-

يحرّم الإسلام عقوق الوالدين بشكلٍ واضحٍ وقاطعٍ، قال عزَّ وجلَّ: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا)،[٢] وعدَّ ذلك من كبائر الذنوب التي يقترفها العبد،
حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه. قال: الإشراك باللَّه، وعقوق الوالدَين).
وقد حذر المصطفى صلى الله عليه وسلم من عقوق الأمهات ، فَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ ، وَمَنْعًا وَهَاتِ ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ” [ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ] .
وَإِنَّمَا خُصَّتْ الْأُمُّ هُنَا إظْهَارًا لِعِظَمِ حَقِّهَا وَإِلَّا فَالْأَبُ مُحَرَّمٌ عُقُوقُهُ ، فكم من الأبناء والبنات من عقوا أمهاتهم وتركوهن يبكين ، فويل لهم من فاطر الأرض والسموات ، إن قطيعة الوالدين من أشد الذنوب خطراً ، وأعظمها ضرراً ، فقد توعد الله صاحبها باللعن ، لعنه الله من فوق سبع سموات ، قال الله تعالى : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } [ محمد 22-23 ] .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى