مقالات وتحقيقات
د.رياض الفرج يكتب:كلامنا في… الميزان

اليوم الثامن
كلامنا في الميزان
كتب أحد المتابعين لبعض مقالاتي تعليقاً لاذعاً بعبارة ” الحكي ما عليه جمرك ” بمعنى أن المقالات مجرد تنظير، وهذا الفهم فهمٌ قاصر لأهمية الكلمة، فالإنسان مسؤول عما يصدر عما يصدر عنه من القول والفعل والكتابة، والكتابة التنظيرية تمثل الجانب الفكري للشخص الكاتب، وهي المرحلة التي تسبق مرحلة التطبيق، وكل النظريات تبدأ بمرحلة التنظير ثم يكون التطبيق بنسب متفاوتة.
وفيما يتعلق بالكلام في الميزان من منظور شرعي يستند إلى قوله تعالى ” وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ” ويقع الكلام ضمن احكام منها:
- الكلام الواجب: كالنطق بلفظ التوحيد، وكلمة الحق، والإدلاء بالشهادة عند الطلب، وما يحقق المصلحة وحفظ الأمانة وغيرها، فهذا الكلام لا بد منه، فسبحان من خلق اللسان ليكون أداة التواصل والمعبر عن حال صاحبه!! ” لسان الفتى نصف ونصف فؤاده .
- الكلام الحرام: فيحرم التلفظ بكلام الكفر والشرك وما يناقض التوحيد، ويحرم ما فيه الأذى والإساءة للآخرين، وتحرم شهادة الزور والكذب والشتم والغيبة والنميمة وما فيه دعوة إلى الرذيلة والفساد وتدمير الاخلاق، ونشر الفتن والشبهات في الدين والدنيا.
- الكلام المباح: وهذا باب واسع مما لا يترتب عليه مفسدة كوصف الطبيعة بمناظرها الجميلة، والحديث عن حال المجتمع من غير ذم ولا إساءة، وبما يحقق مصلحة، أو يدفع مفسدة، أو يحلل الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، أو الحديث عن الماضي ومفاخره وحكمه وما شابه هذا يقع ضمن المباحات.
- لغو الكلام وفضوله: وهو مما لا فائدة فيه، ومنه المزاح، والسخرية، ويدخل في هذا الباب الكثير من الأحاديث بالنكات وما يثير الضحك والتسلية، والمفاكهة والمبساطة بسقط الكلام وفضوله مما يفعله جلساء المقاهي ومجالس الشباب، وغالب يدخل ضمن النهي ” والذين هم عن اللغو معرضون “.
ومن هنا فيجب التنبه لما يصدر عن الإنسان من الكلام، فلا يخرج عن هذه التصنيفات، رزقنا الله حفظ اللسان وسلامة الجنان، وهدانا لما يحب من القول والعمل، والله المستعان.
د. رياض الشديفات / 13/8/2019م