مقالات وتحقيقات

عبد المنعم هلال يكتب…”عزيزتي التي تعرف نفسها جيداََ”

اليوم الثامن/القاهرة

لم أكتب إليكِ منذ فترة…لا أعرف ما السبب أظن أن محاولاتي للنسيان بدأت في النجاح…بعد سنوات من الكفاح و المشاوير الطويلة المرهقة التي قطعتها يومياََ بين عقلي و قلبي…بدأت في النسيان…
النسيان للعلم لم يكن أقل ألماََ من عدمه…الأمر في كلتا الحالتين موجع فنسيانك هو أمنية تمنيتها ولم أكن أتمناها أبداََ بل لم أكن حتي أتصور حدوثه…
بكل غباء أستحضركِ الآن…
رغماََ عني عندما أشعر بالغربة لا أجد سبيلاََ سوي أن أستحضركِ في ذهني…
نظرات عينيكِ و ابتسامتكِ لم يعودا للذاكرة كاملتين كما كان الأمر من قبل و لكن الصورة المهزوزة كانت كافية لأشعر بأنني لست غريباََ لهذه الدرجة و إنما كان لي في يوم ما وطناََ…
قصصت حكايتنا أمس صدفة و صُدمت عندما وجدت أن الدموع مازالت تقاوم جهودي و أشعر بها دافئة علي وجنتي فجأة…لا أدري كيف يحدث ذلك ؟! و كيف ذلك القلب اللعين لا يريد أن ينضج و يصبح اكثر قوة و يتخلص من تلك الهشاشة الحمقاء ؟!!….
لم أعد الآن أعرف هل أنا أفتقدكِ أم أفتقد نفسي التي كانت معكِ…أم أنني أفتقد إحساس البيت و الوطن و الانتماء…
شعور رائع جداََ أن يشير الرجل إلي سيدة و يقول هذه إمرأتي…أن يشير إلي بيت قائلاََ هذا بيتي…ذلك مكاني و هذا وطني…
تلك الأشياء تمتليء بي و أمتليء بها…
عزيزتي نحن الآن في شهر من شهور السنة مقدس للكثير من الناس و فقد قداسته بالنسبة لي منذ أمد بعيد و أصبح شهر كباقي شهور السنة لا يختلف كثيراََ سوي في أنه أكثر مللاََ !! تماماََ كمعظم من أقابلهم من بشر في طريقي…
لا أخفيكِ سراََ أنا أفضل حالاََ من ذي قبل أتناول علي الإفطار الآن بعض الطعام اللطيف و لا يطاردني الجوع كما كان يحدث من سنين و لكن مازال الأمر لا يختلف كثيراََ في وحدته فذلك أعتقد أنه الشهر الخامس عشر من نوعه الذي أمضيه في تشتت و تتناوب علي عقلي الذكريات التي تكيل له الحزن عندما أتذكر منذ سنين و أنا أتريض في الشوارع الهادئة وقت الإفطار و أنظر للأنوار المنبعثة من نوافذ البيوت و التي يخرج منها أصوات التجمعات الأسرية و الضحكات و المعالق و الأطباق فأضع يدي في جيوبي لأخرج تمرتين أتناولهما و أشعل سيجارة و أجلس علي أقرب مقهي لأحتسي القهوة الرديئة و أشعر بالوحدة تعتصر قلبي…
لم يختلف الأمر كثيراََ الآن سوي من بعض الطعام في معدتي فأحمد ربي كثيراََ علي تلك النعمة فأنا أعرف جيداََ قيمة الكثير من النعم الصغيرة أكثر من الصائمين…أنا أعلم جيداََ مرارة فقدانها…
مازلت عندما أحزن أبحث عنكِ بداخلي لأئتنس بك قليلاََ و أمسك بكفكِ لأضعه علي خدي و أغمض عيني لأهدأ…
أنا لا أناجيكِ ولا أحاول العودة لأي وقت مضي و لكنني أستحضر حبيبة تعيش بداخلي عندما تحتضنني يذهب الخوف…
الآن أصبحت أعتقد بشدة أن تلك الحبيبة ليست أنتِ هي فقط تستخدم ملامحك لتتمكن من الاقتراب مني دون أن أفزع…
قد تكون جنية تسكنني أو قد تكون وهماََ صنعته في خيالي بنفسي لكي أتغلب علي الأوقات الصعبة….
وهماََ علي هيئة حب…وهماََ علي هيئة الونس…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى