قهوة.اليوم الثامن. د.محرز غالي يكتب:انا ووالدي…والوصية

قهوة اليوم الثامن
ضيف القهوة اليوم.الدكتور.محرز غالي يكتب لنا:
انا ووالدي…والوصية
في تقديري المتواضع أن والدي الشيخ حسين غالي متعه الله بالصحة والعافية – اتفقنا معه أو اختلفنا في بعض أفكاره وتصوراته، إلا أنه يظل مدرسة مرموقة من مدارس الحياة، ومن جيل الطيبين الذين أدركوا جوهر هذه الحياة ومعناها ، أكثر من الأجيال التالية، وفي تقديري أنه كلما تقدم العمر بالرجل، كلما أثبتت أيام دلائل حكمته ونقاء بصيرته .
من ذلك على سبيل المثال موقف حدث لي معه بالأمس ، وكان شاهدا عليه أخوتي ، الذين كانت تجمعني بهم معه جلسة فضفضة موسعة، إذ فجأة وبعد وصلات من الحكي والفضفضة واستدعاء ذكريات الماضي، نظر إلي الرجل نظرة قوية جريئة، من شخصية جريئة لا تهاب شيئا إلا الله، وقال لي بلهجة الأمر : اسمع لما أقولك ، وخد كلامي ده وصية ونفذه بحذافيره ، ولو خالفته يبقى أنت مش ابني، وخالفت وصيتي.
واستطرد الرجل دون أن يترك لنا فرصة للرد وقال : أنا كبرت في السن ومنتظر الموت في أي وقت ، حتى وإن لم يكن للموت سنا محددا : لما أموت أوعى حد فيكم يزعل أو يبكي، أو يحزن أو يمتنع عن الطعام ، أو يمنع زوجته من إعداد الطعام والطبيخ على عادة أهل الريف، بل تصرفوا مع الأمر بحكمة؛ كأن ضيفا كان في زيارتكم ، وقضى معكم بعض الوقت وغادر ، فربما يكون ما ينتظرني أفضل مما وجدته في هذه الدنيا ، ولكل ما أعد لنفسه، وأنا الحمد لله أعددت لنفسي بقدر استطاعتي. فقلنا له متعك الله بدوام الصحة والعافية وطول العمر ، فاستدرك الرجل دون أن يرد علينا قائلا : وصيتي الحقيقية أن يقام العزاء في بيتي، فلا تنصبوا صوانا ولا تأتوا بمشاهير القراء حتى ترضى الناس عنكم ، وحتى لو قالوا أن ابنه الأستاذ بالجامعة استنكف أن يقيم له عزاء يليق بمكانته ، بل والأهم لا تتبرعوا بأموال العزاء للمساجد .
وإنما إن كنت ابن أبيك فافعل كل ما تريد وما تستطيع مع الفقراء من أبناء القرية، فبهذه الأموال زوج شابة يتيمة ليس لها أب أو ساعد بها بعض الأسر الفقيرة التي تقسو عليها ظروف الحياة ، فذلك خير وأبقى ، وهذه هي وصيتي فلا تخالفوها، فنظر إليه أحد أخوتي بشفقة وقال له مداعبا : يا عم ولا يهمك توكل أنت بس على الله وما تخافش ، ثم دعونا له ، وإذا بالرجل يتذكر أمرا جعله يتفزز في جلسته ويقول مستدركا : آه اسمع لقد نسيت أهم شيء ؛ إياكم أن تقيموا ختمات القرآن في المنزل ، وتأتون بالمشايخ وتعدون لهم الولائم والعزائم ليقرأوا القرآن علي روحي فهذه بدعة ابتدعها هؤلاء المشايخ طمعا في النفحات على أشكالها ،.
واحذر بالذات صديقك الشيخ سامح الصارم وإياك أن يتناول طعاما في بيتي خلال أيام العزاء هو وفرقته غير الناجية من عذاب الله من المشايخ مش قلت لكم راجل مدرسة