مقالات وتحقيقات

محمود حسن يكتب:التعليم…. والفطرة

اليوم الثامن

التعليم والفطرة

لقد تعرض الانسان المصرى خلال هذا القرن لزلزلة عنيفة وضربة على أم رأسه جعلته يفقد بعضا من توازنه فأمسى كالذى يتخبطه الشيطان من المس . ولا شك ان فى ذلك شبهة جنائية . ما بين فاعل ومحرض . وقد استهدفت تلك الجريمة الشنعاء اهم ما يتميز به الانسان المصرى عبر تاريخه السحيق. استهدفت فكره الرفيع وثقافته العريقة . اذ انها فطنت ان سر قوة وعظمة الانسان المصرى تكمن فى ثقافته وموروثاته الفكرية . فأمعنت تلك القوى التخريبية بمعاونيها وعملائها فى تجريف عقلة وتسطيح فكرة من خلال وسائل مختلفة اهمها ضرب التعليم المصرى فى مقتل منذ اكثر من ثلاثين عاما. لصناعة جيل شبه متعلم وشبه مثقف وهو اخطر من الأمي والجاهل . واتجهت لتفريغ عقله لتزرع فيه ما يمكنها من تنفيذ ما تهوى . لان تلك القوى المغرضة تعلم جيدا انه حينما يسود الجهل ويتدنى مستوى الذوق والفن الراقى – يصبح المناخ ملائم لانتشار التطرف النظرى والتطبيقى . وتنتشر الفتن وتتناثر الانبعاثات الضارة فى كافة المجالات. فيطفوا على السطح عديم الوزن والقيمة ويسقط في القاع الذهب والماس فظهر المعلم الجاهل والاعلامى الفاسد والصحفى المتخلف والمطرب المسف والفنان الغث والشاعر المبتذل والكاتب السطحى والسينما الساقطة والشيخ المادى والفقيه الجاهل والخطيب المتفيهق والمواطن المقتدي بكل هؤلاء وكثر التطاول والبذاءة والغش والرشوة والتعدي والتحرش والجريمة وضمور القيم . واختلط الحابل بالنابل وتولى الامور غير اهلها . فى خطة محكمة للإجهاز على الهوية المصرية بضربة قاضية مضمونة النتائج ومجربة مع الكثير من الامم التى تم القضاء عليها تماما حينما تعرضت لمثل هذه التجربة
ولكن المعدن المصرى النفيث الذى ربما يخدش ولكنه غير قابل للكسر صاحب الجذور الطاعنة فى عمق الزمن كشجرة اصلها ثابت وفرعها فى السماء سوف يتمايل قليلا من عنف الضربة ولكنه سرعان ما سوف يتماثل ويتماسك ويستعيد توازنه ويصنع من كبوته وقفة ومن ضعفه قوة وسينفض ما علق على ثوبه بيده وما اصاب بدنه بلسانه لان خلايا الجسد المصرى قادرة على تجديد ما تلف بها واعادة بناء ما تساقط منها. فتلك فطرته التى فطره الله عليها . ولكن تلك الطبيعة الخاصه للانسان المصرى لابد ان تحاط بسياج من الوعى وازالة العوالق وخلق القدوة الحسنة والمثل الاعلى والقيادة الامينة التى تحمى هذا الكيان الاصيل من العبث فى هويته الاصيلة وطبيعته النقية من خلال التعليم الامين فى المنزل والمدرسة والجامعة والشارع والنادى .فالتعليم هو مصنع الانسان . ومنتجاته هى النسيج الوطنى الذى تتألف منه كل فئات الشعب المختلفة فلا قيمة للفطرة الاصيلة بدون التعليم السليم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى