مقالات وتحقيقات

محمود سعد دياب يكتب..الحياة بعد الأربعين

محمود سعد دياب يكتب..الحياة بعد الأربعين

اليوم الثامن/القاهرة

الحياة بعد الأربعين

منذ أيام وصلت بحمد الله وفضله سن الأربعين، ولم أشأ خلال الأيام الأربعة الماضية أن أكتب كلمة في يوم مولدي كما تعودت، في الحقيقة وقفت وقفة تأمل في حياتي الماضية ومستقبلي القادم إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا وتفيض الروح إلى بارئها، ولما لا ومن وصل لهذا السن يعرف أنه يقف عند مفترق طرق يتحسر عنده على أيامه الذاهبة ويتأمل القادمة فيشفق منها.. إنه سن الخوف من كل شيء من المرض الذي يتسلل للجسد والصحة التي تتسرب رويدًا رويدًا.. وفعلا أن أقف الآن عند مفترق طرق في حياتي وعلى بداية اتخاذ قرار مصيري في حياتي ومغامرة لا أدرى أستنجح أم لا.. ولكني أقول دع الأمور عليه فقط اجتهد والمولى من فوق سبع سماوات سيكافئ من اجتهد وصبر وعمل بضمير..
خلال الأيام الأربعة الماضية، منذ يوم 16 يوليو وهو يوم أن ولدتني أمي وجئت إلى هذه الدنيا، حاولت أن أقنع نفسي أن العمر مجرد رقم، ثم اكتشفت أنني أخدع نفسي بهذه المقولة، وامتلأ قلبي بحنين جارف إلى أيام الطفولة وشبابي الأول وما كان يملأ قلبي من فرحة وأمل في مستقبل مشرق تللك الأحاسيس التي ملئت روحي طارت إلى مالا نهاية.
بعدما انقشعت تلك الأحاسيس غلبني في النهاية التمني.. تمنيت أن أرى والديًّ في أتم صحة وأفضل حال.. تمنيت أن تظل مشاعر الأخوة الحميمة بيني وبين أخوتي حتى ألقى ربي.. تمنيت أن يطول العمر بي كي أرى أطفالي قادرين على حماية أنفسهم، بالطبع أخفى تحت هذه الأماني خوفا من الموت ورغبة فى العيش الطويل.
وبمناسبة الحديث عن الموت، أدركت وأن أخطو بقماي ما بعد الأربعين، أن الموت أخذ كثيرين جدا ممن عرفتهم، وصرت أشعر به كل صباح يلقى عليَّ التحية، فأصمت حتى يمر مبتعدا، آملًا أن يتجاوزني ولا يلتفت إليًّ.
بعد الأربعين وقفت وقفة جادة مع نفسي، وأمضيت أربع ساعات في جوف الليل وحدي بعيدًا عن دوشة الأطفال أفكر وأراقب التناقضات التي مررت بها في حياتي.. وكم كنت ساذجًا أحيانًا ومخطئًا في تقدير الأمور في أحيان أخرى، وكم مرة خدعت فيها في الناس حتى تعلمت كيف أفرق بين الغث والثمين، لقد قررت أن أختار طريقًا جديدًا لي أسير عليه.. بالتأكيد كله خير فأنا لا أكن للناس إلا كل حب ومودة حتى من يضمر الشر لي ويسيء إلى شخصي أدعو له بالهداية وأجتنبه تمامًا..
في النهاية الحياة بعد الأربعين ستكون بالتأكيد مختلفة تمامًا عما قبله.. وأسأل الله الهداية والتوفيق فيما اخترت وربنا المستعان..

محمود سعد دياب يكتب..الحياة بعد الأربعين
الإعلامي/ محمود سعد دياب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى