مقالات وتحقيقات

عصام متولي يكتب: التابلت ونظرية (القلة) في الثلاجة

عصام متولي يكتب: التابلت ونظرية (القلة) في الثلاجة

لا أعرف من الشخص العبقري الذي فكر في أن نظاما جديد كليا للثانوية العامة في مصر يعتمد على التكنولوجيا بشكل كامل سوف ينقل التعليم في مصر نقلة نوعية نكون فيها في مصاف الدول الكبرى عندما يتم تعميمه بهذا الشكل المفاجئ.كيف لطالب قضى تسع سنوات من عمره يتعلم بالورقة والقلم والطباشير والسبورة.. طالب أضاع طفوله في التنقل بين مراكز الدروس الخصوصية.. كيف له ان يتحول بين ليلة وضحاها للدراسة بنظام يعتمد على التابلت والانترنت وينسى كل ما تربى عليه من حفظ وتلقين.والحق يقال إن الطالب المصري رغم ذلك لم يخذل التجربة وتفاعل معها بشكل جيد نظرا لنشأته في ظل ظهور الهواتف الذكية المنتشرة في يد الجميع الآن ومواكبته لتطوراتها وتحديثاتها فالآباء يتعرفون على كل ماهو جديد في عالم التكنولوجيا عن طريق ابنائهم. ولكن من خذل التجربة حقيقة هو من فكر وقرر البدء في تعميمها مباشرة على طلاب الصف الأول الثانوي. ربما يتساءل أحدهم.. أليس علينا مواكبة عصر التكنولوجيا والقفز للحاق بالأمم التى سبقتنا بسنوات ضوئية؟. والإجابة حتما سوف تكون بنعم.. فالتكنولوجيا لم تعد رفاهية وأجهزة للتسلية.. وإنما هي أداة لتطور المجتمع علميا وعمليا.ولكن السؤال الأهم هنا.. كيف نوظف التكنولوجيا كأداة لتطوير قطاع حساس وخطير كمجال التعليم؟والإجابة بسيطة ولا تحتاج إلى عبقرية.. فكل تجربة جديدة لا تعمم إلا بعد تجربتها على نطاق ضيق محدود. ثم تتسع الدائرة رويدا رويدا وتتطور معها أدواتها ونتلافى اوجه القصور والخطأ فيها بشكل مستمر حتى تكون تجربة قابلة للتعميم بأمان بغير صدمة تربك المجتمع أو تحمل جيلا كاملا من الطلبة أخطاء أناس عديموا الخبرة يتلاعبون بمنظومة كاملة بكل استهتار ويضعونها على شفا حفرة من النار. ولهؤلاء أقول.. الرجوع إلى الحق قبل فوات الأوان فضيلة نفتقدها… ليس من العيب العدول عن قرارات غير مدروسة ولكن الكارثة في المكابرة والتمادي في الخطأ – إذا اعتبرناه خطأ غير مقصود- فأبنائنا هم مستقبل هذه البلاد والتلاعب بمستقبلهم بهذا الشكل يهدد أمن واستقرار البلاد وينذر بكارثة محققة. لست ضد التجربة وإنما ضد تعميمها بهذا الكم من (الغشم) قبل أن نجهز بنى تحتية من سيرفرات وقواعد بيانات ومواقع قوية قادرة على استيعاب هذا العدد من الطلاب الذين يؤدون الامتحان في وقت واحد.. ويذكرني هذا المشهد المرتبك بمشهد مشابه لا يقل كوميديا للعبقري عادل أدهم في فيلم الراقصة والطبال عندما كان يضع (قلة المياه الفخارية) في الثلاجة ليشرب منها. ارجوكم اخرجوا (القلة) من الثلاجة واستعملوا تلك الثلاجة الاستعمال الصحيح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى