ادب ثقافة

يوسف الصديق .. عمل فنى ثرى جدا “٤”

كتب :رؤوف قنش

كنت قد وعدتكم بأن المقال الرابع سيكون الأخير فى تحليل مسلسل يوسف الصديق ولكن سرد الأحداث المتلاحقة وتشابكها أرادت دون ذلك وبحول الله سيكون المقال الخامس هو الأخير ، إقتربت القصة من النهاية مثل كل شيئ مثلما كانت له بداية حتما ستكون له نهاية لا مفر ومعها بدأت سنين الوفرة والرخاء تتلاشى شيئا فشيئا وبدت لها علامات وبعد أيام قليلة ستحل على مصر سنين القحط السبعة ، أصبح يوسف عليه السلام وكأنه هو الملك المتوج على عرش مصر والملك نفسه كأنه نائب لسيدنا يوسف هكذا دار الحوار ، إمتلك يوسف عليه السلام من الشعبية التى تعطيه الحق وتؤهله بأن يقول ويأمر وينهى ويسمع إليه الأتباع والمحبين وكان الملك أمنحوتب الرابع سعيد بذلك ولم يتأثر بحب الناس ليوسف عليه السلام بل على الجانب الأخر كان حب الملك لعزيز مصر قويا وعنيفا ، إستخدام يوسف عليه السلام سلاح العلم فى تخزين الحنطة وهداه ربه بأن يخزنها كما هى مثلما خرجت من الأرض فى أعوادها حتى لا يصيبها العفن وتأكلها حشرات الأرض وعلى النقيض تعامل كهنة معبد آمون بمنتهى الجهل فى تخزين الحنطة وجردوها من أعوادها وتخزينها فى أماكن لاتليق بتخزين الحنطة فكانت النهاية أن أكلتها حشرات الأرض فكانوا من الخاسرين ، وغرق أهالى مصر فى الخير خير يوسف عليه السلام وخير علمه ومن قبلهما نعم الله التى لاتعد ولا تحصى .

وغابت عن مصر وأهلها شمس سنين الوفرة والنعيم وبدأت سنين القحط تنسج خيوطها وأرسلت برسالة بأن سنين القحط ستأتى فى هذا اليوم فهب يوسف عليه السلام من مرقده قاصدا قصر الملك أمنحوتب الرابع حاكم البلاد يحمل رسالة ربه ، وقبل أن يدخل للملك فى حجرة نومه أمر الطاهى بأن يجهز طعام الملك فى هذه الساعة المتأخرة من الليل لأنه فى هذه اللحظة ( يتلوى ) من الجوع وبطنه قد أصابها تقلصات الجوع وقال له يوسف عليه السلام أنت الأن جائع ، كيف عرفت بأننى جائع ، الأن فقط بدأت سنين القحط ، والألم الذى أصابك جراء جوعك لهو مؤشر وبداية لسنين القحط وبدأ المخزون يظهر للناس ويستفيدون منه وتحققت نبوءة يوسف عليه السلام وذاع صيته أكثر بين البلاد وأصبح أيقونة السعادة والحب والترابط ، إن ما صنعه يوسف عليه السلام وأقدم عليه بإشارات من ربه لهو نوع من ( التأمين ) حيث وضع اكبر قدر من الحنطة لسنين سيحتاج إليها أن يفتح خزائن الغلال ويعطى الناس ماقد إدخروه ، إدخروا يوم الرخاء والوفرة لأنهم سيحتاجون ليوم القحط والعوز إنها إرادة الله ، وبدأ جمال زليخة يذبل ويتلاشى يوما بعد يوم والشيب يتسلل إلى خصلات شعرها والنظر يضعف من آن لأخر حتى أصابها العمى وبدأت تأخذ من العصا قدم ثالثة تأخذها لريح يوسف أينما ذهب فى هذه المرحلة أحبته بصدق أحبته دون مقابل أحبته دون شهوة أخبتة لأنه يوسف ، تعلقت به أكثر لم تكل ولم تمل ولكنها أصرت أن يوما ستقابل يوسف عليه السلام ، أنفقت الغالى والنفيس هجرت القصر وأخذت من الشارع مسكن لها وحوائط البيوت سترا لبدنها وسيرة يوسف من ألسنة الناس متنفسا لها وعاشت على يوم تجد فيه يوسف وتشم ريحه ، وفى يوم كان ذاهبا لملك مصر فى قصره أتيا من طيبة سمع صوت من بعيد سيدة عجوز تهتف بإسمه يوسف يوسف ولم يعتاد على هذا الإسم فكل أهالى مصر ينادون عليه يوزرسيف وإرتسمت على وجهه علامات الدهشة من الذى يناديه ويعرف إسمه القديم ومن هذا العجوز التى تنادي عليه بثقة وتلهف شديدين ، أمر سائق العربة التى يجرها حصان بأن يتوقف ونزل بنفسه يتفحص من المنادى قالت له السلام على من أعزه الله من بعد ذل وجعله عزيزا على مصر من بعد أن إستقر فى السجن لبضع سنين السلام على يوسف النبى ، من أنتى أيتها العجوز وقد إختفت عنها ملامحها الجميلة وإستبدلتها الأيام والليالي ورسمت على وجها خيوط الزمن وتجاعيد البؤس والشقاء ، قالت أو لا تعرفنى يانبى الله أنا زليخة فحملها معه على القصر ووضعها فى مقابلة ملك مصر وسخر الملك عندما عرف أن هذه المرأة العجوز هى زليخة وكان حاضرا أليخماهو كبير كهنة معبد آمون وبعض الكهنة المعاونون له ، وتجلت قدرة الله عندما قال كما أشار المسلسل بأن يستطيع بقدرة ربه أن يعيد البصر والنور لعينى زليخة وسخر منه الكهنة فقام من مقامة وصلى لربه ودعاه بأن يرد على زليخة بصرها وبعد أن فرغ من الدعاء إرتد بصر زليخة وسط دهشة الحاضرين ولكن كهنة المعبد كانوا من الساخرين قال قائل منهم أن زليخة كانت مبصرة وإدعت العمى لتكسب عطف الأخرين وكان إدعاؤهم يميل لكونه الصواب من ناحية المؤيدون لهم ولكن يوسف عليه السلام قال إذا كان هذا رأيكم فى عودة البصر لزليخة فماذا لو عادت لسابق عهدها جميلة ممشوفة القوام أتكذبون أيضا وفى لحظات معدودة بعدما دعا يوسف عليه السلام ربه وضع على جسمها الشال الذى كان يضعة على كتفيه وبعد دقائق وتلهف الحاضرين لما سيحدث نزع يوسف عليه السلام الغطاء على جسد زليخة فعادت لشبابها وجمالها وسيرتها الأولى فخر الملك وحاشية القصر ليوسف ساجدين ، وبعد فترة من الزمن نزل عليه الوحى بأن يتزوج زليخة وياخذها زوجة ثانيه مع زوجته الأولى أسينات .وكان له ما أوحى إليه .

إشتد الجوع على أهل كنعان وبدؤا يترنحون الصغار تبكى والبطون خاوية تنشد الطعام وأصبحت المجاعة هى السمة السائدة وجاء الدور الأعظم لسيدنا يعقوب النبى فإجتمع بأولاده وحثهم على الذهاب إلى مصر فإن فيها خير كثير ونصحهم بذلك ، شدوا رحالهم قاصدين مصر ووصلوا إلى المدينة ودخلوا من باب واحد وكانوا عشرة إخوة أبناء يعقوب النبى وبدأوا يلفتون النظر وذاع صيتهم حتى وصل أمرهم لسيدنا يوسف عليه السلام فبعث لهم برسول لإحضارهم إليه وأحس أنهم إخوته بعدما تبين له أنهم اخوه كنعانيين وإستقبلهم فى قصره وقدم لهم الطعام مالذ وطاب وبدأ ينظر إليهم ويتفصحهم الواحد تلو الأخر ويتلو على أسماع زوجته أسينات ماجرى له من إخوته وما عانى منهم وعرفهم ولم يعرفوه،

وأعطاهم الكيل الوفير وقال لهم ( ائتونى بأخ لكم من أبيكم ألا ترون انى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين * فإن لم تأتونى به فلا كيل لكن عندى ولاتفرقون ) واندهشوا لما طلب ودس لهم فى الحنطة ما قد قاموا بدفعه من المال وتعجبوا لذلك بعدما عادوا إلى أرض كنعان وقصوا ما شاهدوا من عزيز مصر على أسماع والدهم سيدنا يعقوب ولم يتعجب لذلك لكون أن مصر يسكنها أناس طيبون ويحكمها ملك عظيم أمنحوتب الرابع والذى أصبح بعد ذلك أخناتون وأيضا يحكمها الأعظم عزيز مصر سيدنا يوسف عليه السلام وأرسل سيدنا يعقوب إبنه ( بنيامين ) وهو الأخ الشقيق لسيدنا يوسف ودخلوا المدينة ولكن من أبواب متفرقة منعا لتعرضهم لأذى بناء على نصيحة أبيهم وإستقبلهم عزيز مصر وبكى عندما شاهد أخيه بنيامين بعدما قال لهم ( كل أخ شقيق يجلس أمام أخيه من أمه وأبيه ) فنفذوا ما قاله سيدنا يوسف لهم وأصبح بنيامين وحيدا دون شقيق له فدعاه يوسف لكى يجلس أمامه وتعجب أخوته لهذا الصنيع وأيضا تعجب بنيامين وإزاح يوسف عليه السلام الستار وكشف عن نفسه لأخيه وحكى له واستمع إليه وإتفقوا على خطة لكى يحتفظ به فى مصر فما هى هذه الخطة ؟ وماهى رده فعل إخوته وماذا قالوا لوالدهم ؟ وكيف فقد سيدنا يعقوب البصر وكيف عاد ؟ وفى النهاية كيف تم ترتيب اللقاء الكبير بين سيدنا يعقوب وسيدنا يوسف عليهما السلام بعد غياب طويل ؟ وماهى ردة فعل الملك عندما إلتقى سيدنا يعقوب فى قصره لأول مرة ؟ إنتظروا المقال الخامس والأخير بحول الله وقوته .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى