مشاهير اليوم الثامن

مشاهير. اليوم الثامن…محمد الكحلاوي مداح الرسول الذي رفض أن يغني لجمال عبد الناصر

ولد محمد الكحلاوي “مداح الرسول” في مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية في الأول من أكتوبر عام 1912 ، يتيماً يرعاه خاله الفنان محمد مجاهد الكحلاوي الذي ورث عنه حب الفن، فلقد كان خاله معاصراً للفنان صالح عبدالحي، ذائعا الصيت مثله، فتعلم منه محمد الغناء وأصول الأداء وأخذ منه لقبه أيضا.

محمد الكحلاوي


بدأ الكحلاوي حياته لاعباً للكرة، متميزاً فيها حتى أصبح كابتن نادي السكة الحديد الذي كان يعمل موظفاً بها، فلقد كان مهووساً بلعبها، متابعا لكل مباريات فريقي الأهلي والزمالك، ومرافقاً لهما في رحلاتهما المختلفة. لكن حب الغناء الذي برع فيه منذ طفولته قد خطفه من لعب الكرة واحترافها، فنظراً لعشقه للغناء والتمثيل؛ التحق الكحلاوي الصغير بفرقة عكاشة التي اشتهرت وقتها بتقديم الأعمال الفنية المختلفة،

محمد الكحلاوي

لكن كفرد من أفراد الكومبارس. لتلعب الصدفة لعبتها معه عندما تأخر مطرب الفرقة زكي عكاشة، ليطلب منظم الحفل ليلتها من محمد الكحلاوي الصعود إلى المسرح والغناء لتسلية الجمهور لحين وصول زكي. فيتجاوب معه الجمهور بشكل أدهش صاحب الفرقة والكحلاوي نفسه، ليقرر بعدها الكحلاوي ترك وظيفته بالسكة الحديد والالتحاق بشكل رسمي بفرقة عكاشة.

صورة ارشفية محمد الكحلاوي

سافر محمد الكحلاوي وهو لا يزال صبيا يافعا يبدأ حياته الفنية؛ مع فرقة عكاشة في رحلة فنية إلى بلاد الشام دون علم خاله، ليقدم عروضا غنائية مع الفرقة هناك استمرت لمدة شهرين، لتعود الفرقة دون محمد الكحلاوي.
فلقد قرر محمد الاستقرار هناك ليجوب بلاد الشام على اختلافها متعلماً للغناء العربي الاصيل، ومتقنا للهجة البدوية وغناء مواويلها المختلفة. رحلة استمرت ثماني سنوات. عاد بعدها الكحلاوي إلى مصر شابا يافعا في، يمتلك ثروة بلغت 38 الف جنيه وهو المبلغ الذي كان يعد ثروة ضخمه في ذلك الوقت.

صورة أرشيفية محمد الكحلاوي


ليقرر محمد الكحلاوي أن يحجز له مكاناً متميزاً في الحياة الفنية في تلك الفترة بوجه عام، والسينمائية بوجه خاص، حيث أسس شركة انتاج أطلق عليها اسم ” أفلام القبيلة” التي كانت ثان شركة إنتاج سينمائي في العالم العربي، وهي الشركة التي قدمت عدد لا بأس به من الأفلام العربية وصل إلى 40 فيلم، شكلت بداية الأفلام المصرية الخالصة بعد أن كانت أغلب الأفلام تعتمد على النصوص الأجنبية. فلقد قدم الكحلاوي من خلال شركته عدة أفلام عكست الحياة العربية البدوية على وجه الخصوص كان منها “أحكام العرب” و”أسير العيون” و “بنت البادية”. وهي الأفلام التي شارك محمد الكحلاوي فيها بالتمثيل والغناء.

حيث كون الكحلاوي في بداياته الفنية ثلاثي مع الشاعر بيرم التونسي والموسيقار زكريا أحمد ليقدموا معا مجموعة من الأغنيات التي أصبحت جزء مهم من التراث الفني العربي مع الوقت.
اكتسب الكحلاوي مع الوقت شعبية كبيرة في الوسط الفني أهلته للانتخاب كنقيب للموسيقين في عام 1945، لكنه تنازل عنها للموسيقار محمد عبدالوهاب اعترافا منه بأهميته. كما حصل الكحلاوي على جائزة التمثيل عن دوره في فيلم “الذلة الكبرى” وجائزة الملك محمد الخامس وحصل ايضا في عام 1967 على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى

محمد الكحلاوي

.

بعد مشوار طويل مع الشهرة والنجومية والثراء، شاهد محمد الكحلاوي النبي عليه الصلاة والسلام في رؤيا خلال منامه، وهي الرؤية التي غيرت حياته، وجعلته يترك السكن فى عمارته الأنيقة بحي الزمالك ليؤسس مسجدا وسط المدافن بمنطقة الإمام الشافعي ويبني لنفسه فوقه استراحه يسكنها هو وعائلته، ويؤسس مدفنه فيه ايضا. ويحج أربعين مرة على مدار أربعين عاما بشكل متواصل، ويجري عشرات العمرات ايضا.
ليبدأ الفنان الشهير رحلته مع النبي عليه الصلاة والسلام، حيث أسس للأغنية الدينية، فأصبح هناك أغان دينية معترف بها بسببه، بعدما كان الأمر مقتصرا على التواشيح والأناشيد فقط، فغني الكحلاوي أغاني لازالت محفوظة باسمه شكلت حوالي نصف إنتاجه الفني.

فلقد لحّن أكثر من 600 لحن ديني من مجمل إنتاجه الذي قارب 1200 لحن، 600 لحن ديني شكلوا أسس الأغنية الدينية العربية، فاصبحت الأغنية الدينية تمتلك نوته موسيقية خاصة. تنوعت بين السير والاغنيات والملامحم والاوبريتات، فقد قدم “سيرة محمد” و”سيرة السيد المسيح” و”قصة حياة إبراهيم الخليل”.. بالإضافة إلى أغنيات عديدة شهيرة منها لأجل النبي، حب الرسول، عليك سلام الله، خليك مع الله، يا إمام المؤمنين ، يا أمة الاسلام .

المطرب محمد الكحلاى وبعد تحول مسيرته الفنية، أقسم ألا يغني لأحد سوي لرسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وألا يمدح شخصا سواه، وهذا ما جعله يرفض الغناء للرئيس عبدالناصر أكثر من مرة، بعدما طلب ناصر ذلك بنفسه، إلا أنه لم يتنازل عن قسمه أبدا تحت أي ضغط. حتى رحل عن عالمنا في الخامس من أكتوبر من عام 1982 تاركاً إرثا غنائيا دينيا لم يقدمه مطربا آخر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى