مقالات وتحقيقات

أشرف رضا يكتب : فساد الأمكنة والمركزية المتسلطة …

حينما نتحدث عن الفساد بصفة عامة نجده موجود في كل مكان وبكل أنواعه ، فهناك الفساد الإداري والفساد المالي والفساد الأخلاقي والفساد السياسي ، ولكنى أتحدث هنا عن فساد الأمكنة ، فالمقصود بفساد الأمكنة هو الفساد المتوطن في الأماكن التي تسئ استخدام المناصب وتطويعها لأهوائهم الشخصية عن طريق المركزية المتسلطة .

ففساد الأمكنة هي من الآفات الخطيرة التي يمكن أن تمارس بشكل فردي أو جماعي وعلى نطاقات مختلفة بحسب الموقع الذي يسعى من خلاله المُفسد إلى الوصول إلى غايات محددة  للمكوث علي الكرسي أو تحقيق أمجاد شخصية علي حساب المكان.

 ويمارس فساد الأمكنة في كل الأماكن التي تسيطر عليها المركزية في شتى النواحي القيادية ، فشيوع ظاهرة المركزية التي تمارسها القيادات في مؤسسات الدولة خلفت آثاراً خطيرة في بطء تقدم وازدهار تلك المؤسسات وإضعاف المستوى المهاري والقيادي لأفرادها ، وذلك إما بالاستحواذ والسيطرة علي كل الصلاحيات ، وإما بتولي قيادات ومناصب لأشخاص غير مستحقين لها ولا تملك اتخاذ أي قرار أو عرض وجهه نظرهم  أو حتى مجرد التفكير في ما يخص إدارة منصبهم ، فهم ليس إلا سكرتارية فقط لتنفيذ تعليمات الفاسد المركزي الكبير ، والذي يطوع اللوائح والقوانين لصالحه .

 فكلما كانت القيادة مركزية في أي مؤسسة كلما ازدادت نسبة الفشل في قراراتها وتولدت قلة الشفافية وضعف الرقابة الإدارية والمالية عليها ، وحدوث هبوط في الخدمات المقدمة للعاملين بها وتولد حالة من اللامبالاة وخفض الروح المعنوية  في عدم وجود أهمية  للكفاءات  ، مما ويؤثر علي تقدم تلك المؤسسات .

فلماذا نرى القطاع الخاص أكثر نجاحاً من مؤسسات كثيرة بالدولة ، لأنه وبكل بساطه المركزية فيه تكاد تكون منعدمة ، وسوف يقول قائل هذا الكلام غير مضبوط لأن القطاع الخاص يتحكم فيه صاحب المال ، أقول له نعم ولكنه يعطى كل المناصب والقيادات لأشخاص أصحاب مهارة حقيقية ومؤهلة لتولي مهام تلك القيادة ليس ذلك فقط بل إعطائهم كل الصلاحيات اللازمة لنجاحهم دون فرض مركزية القرار والقيادة عليهم ، وكل ما يهمه هو النتيجة النهائية .

ولكي تنجح مؤسساتنا نحو التقدم الحقيقي لابد من القضاء علي فساد الأمكنة والمركزية المتسلطة .

فمتى ينتهي فساد الأمكنة وتنتهي معها المركزية المتسلطة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى