مقالات وتحقيقات

أشرف رضا يكتب: …لا لتكميم الأفواه

أشرف رضا يكتب ..لا لتكميم الأفواه

اليوم الثامن/القاهرة

خلق الله الإنسان مفكراً ومعبراً عن كل ما يدور حوله ، إما بالإيجاب أو بالاعتراض ، ولكننا نعيش هذا الزمان مع زمرة من المسئولين أقل ما يقال عنهم أنهم جهلاء بالقيادة التي أتت إليهم دون تعب أو عناء أو حتى كفاءة تذكر ، فقد أرادوا بجهلهم أن يجعلونا كجلمود صخر لا نرى ولا نسمع ولا نتكلم ، أرادوا أن يقتلوا الكلمات داخل الأفواه ، وأن يجعلوها حبيسة الحناجر وأسيرة الصدور، بل ينظمون لوائح لتكميم الأفواه ، وبتر أنامل من يكتب كلمات غير مألوفة لديهم ، ليمطروا أصحابها بوابل من التهم ، إذا ما تجرأ أحدهم وانتفض معترضاً ولو بأسلوب موضوعي على أوضاع مؤسسته المتردية ماليا أو إدارياً وتدنى وتدهور حقوقه ، وفى نفس الوقت يطلقون العنان للأفواه والأقلام التي تزينهم في نظر الآخرين وكأنهم ملائكة في صورة بشر ، أفواه وأقلام بغيضة فقدت النخوة والرجولة والشهامة تباع وتشترى بأبخس الأثمان .

فكيف لا يسمح بحرية التعبير عن الرأي في دوله دستورها ينص على الحق الأصيل في حرية التعبير عن الرأي ، فهذا حق الجميع دون استثناء حتى لا يكونوا مهددين بالتحكم في مصيرهم وسحق سائر أفكارهم وأصواتهم وإحكام القبضة عليهم واستعبادهم بسوط اللوائح المفصلة لهم .فقد تحوّلت أولويات المسئول إلى المال والجاه والمنصب، ووضع الإنسانية على الجانب الذي لا ينظر إليه بتاتاً. كما أن المسئول أصبح استبدادياً بشكل مثير للغضب، ويستخدم القوة من أجل منع أي شخص عن التعبير خصوصاً إذا كان رأيه معارضاً لسياسته ، فهذا ما هو إلا دليل قاطع على الإفلاس الروحي والأخلاقي والفكري له ولكل مسئول استبدادي. على الرغم من أن حرية الرأي إرث إنساني كلف الإنسان عدة قرون من الثبات والثورات من أجل التعبير وكان الهدف إصلاحيا ، فالمسئول الذي يستخدم سياسة تكميم الأفواه وقمع حرية التعبير، يعتقد بأن هذا هو الطريق الأمثل لمنع الانقلابات الداخلية ، ويجهل أن هذا بمثابة متنفس لما في الصدور، فيفترض بأن هذا هو وقت حرية التعبير وطرح الآراء لبناء مؤسسات تسعى إلى التطور على جميع الأصعدة ، وهذا ما مكنا من رفض فكرة قمع الحرية وتكميم الأفواه ، فقد تعد حرية التعبير هي الحق السياسي لإيصال ما يود الشخص قوله ، إلا أن ذلك لم يعد حقاً، بل أصبح يشكل خطراً على حياة هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بالتعبير عن آرائهم ، وذلك للحد من عدد المعارضين ، كي لا يثيرون على المسئول ، فسيبقى الوضع في المؤسسات كما هو الآن ولن يتغير شئ حتى تتغير السياسات وطرق التفكير لدى المسئول بما يخص حرية التعبير، حيث لن يتحقق الإصلاح في المؤسسات حتى يتم كسر حاجز الخوف من التعبير عن الظلم والفساد الذي يسودها ، والذي كان السبب في توليد منظومة فاقده للامان وباحثة عن حقوقها .

وأخيراً أقول إذ لم تعطى المساحة لحرية التعبير عن الرأي ، فقد نعتبرها أكذوبة مبتدعة وانطلت علينا ، فإما أن نعبر عما يريده المسئول وإما أن نواجه المصير المحتوم.

أشرف رضا يكتب ..لا لتكميم الأفواه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى