
اليوم الثامن/القاهرة
من يقرأ ؟؟
اعظم كلمة على الإطلاق بعد كلمة التوحيد كلمة اقرأ , هذه الكلمة الراقية بها خاطب الوحي رسولنا الكريم عليه السلام لتكون مفتاح التوحيد , ومفتاح التفكير , ومفتاح الحضارة , ومفتاح الخير , ومفتاح التغيير , ومفتاح العلم , ومفتاح قيادة العالم , وبها يتميز الناس ” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ” فهي وسيلة التعلم ونقل الأفكار , وهي غذاء النفوس وطب العقول , بها ينمي المرء عقله وشخصيته , ويستثمر وقته , وعبرها يتم الوصول إلى النجاح .
ومما يؤسف له أن أمة اقرأ لا تقرأ على النحو المطلوب , وقد أصابها داء الإعراض عن القراءة , وإن قرأت فهي تقرأ على طريقة القراءة السريعة على غرار الوجبات السريعة , حيث القراءات السريعة التي تستند لا إلى أمهات الكتب , ولا المراجع المتعمدة في أصول التفكير التي يعترف بها أهل العلم في تصنيفاته المتعددة , بل تعتمد القراءة السطحية التي تنشرها وسائل التواصل الاجتماعي , ووسائل الإعلام المختلفة , وهذه الطريقة لا تكفي لبناء الإنسان صاحب الرسالة الحضارية التي تسعى لها المجتمعات الحية .
إن القراءة هي التي تصنع الحضارة والتاريخ , وبالقراءة قامت كل الحضارات الإنسانية حتى أن بعض الحضارات كانت تقول : “حبر الطالب أقدس من دم الشهيد ” فعن طريقها صنع العرب الحضارة الإسلامية التي كانت سببا في قيام الحضارة الغربية المعاصرة , وقد أشارت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه إلى ذلك في كتابها المشهور ” شمس العرب تسطع على الغرب ” فقد بلغ العرب قمة الحضارة بالعلم والقراءة التي جعلت الغرب يقف مذهولا للدرجة العالية التي بلغها في الرقي الحضاري والعلمي يدفعهم الفهم الصحيح لدينهم الذي جعل طلب العلم عبادة وواجبا دينيا , وأن المعرفة الحقة تنير طريق الإيمان , وبالقراءة يمكن خدمة الدين والدنيا .
ومما يبعث على الأسى والألم أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن أمة العرب هي أقل أمم الأرض قراءة , وأن السمة الرئيسة لها هي سمة الأمية والجهل والتخلف, وأن نسبة الإسهامات الحضارية في العلم والمعرفة متدنية لدرجة تبعث على الأسى مما يستدعي عملية انقاذ لعملية القراءة للبحث عن كنوز المعرفة التي لا سبيل للنهضة بدونها , وهي شرط في غاية الاهمية للنجاح , من أجل هذا ادعو إلى عودة جادة للقراءة وطلب العلم بعيدا عن المظاهر والشكليات لننهي مهزلة التراجع لأمة اقرأ .
