مقالات وتحقيقات

أشرف رضا يكتب : المواطن والحرب العشوائية

يعيش الإنسان في زماننا هذا حرب عشوائية ، حرب يتصارع فيها للبقاء ، يتصارع فيها مع المجهول ، عذراً فلم أجد تعبيراً للحالة المأساوية التي نعيشها الأن غير هذا التعبير ، والذي يبدو تعبيرا ً مخيفاً ، ولكن في حقيقة الأمر أن الواقع أشد خوفاً ورعباً ، فماذا نقول للمواطن فى بؤسه ، والرزق يتآكل ، والوطن  ينزف ، والمجتمع يتمزق ، ماذا نقول له عن جيل ضائع وأمل خائب ، وغدٍ شاحب ، ماذا نقول له عن الأخلاق في زمن تلاشت فيه القيم وسادت الانتهازية والوصولية ، هل أحدثه  عن الحرية وهو يصرح من سطوة المتسلطين واستبداد المارقين ،

هل أحدثه عن الوطنية والوطن ، وقد صار بينه وبينه الف همٍ وهم ، اذ يحوم حوله هاجس رغيف العيش ، وهاجس الدواء والعلاج لأسرته ، وهاجس التعليم ونفقاته ، وهاجس توفير عيشة كريمة له ولأسرته ؟  أم أتركه يظل تحت وطأة الاستبشار بأن هذا قدر المناضلين والمكافحين من أجل غدٍ مشرق ومستقبل أفضل .

لا استطيع أن أحدثه في هذا وهو يعيش حالة من الانفصام القاتل بين الحلم والواقع ، بين الشعارات والممارسة ، بين العزة والكرامة والذل والمهانة  ، يعيش زمن الذين يتبوءون عروشاً ، ويتقاسمون الوطن ، ويستنزفون الفقراء والمساكين .

 فى الواقع أنى لا أجد كلمة أواسى بها الإنسان المعذب في هذا الوطن ، لا أجد لأقوله لمن يعمل ويكافح ، فكيف أجد ما أقوله للعاطل الباحث عن عمل ولم يجد .

لم أجد شيئاً لأقوله سوى ، عفواً لمن يسعى إلى الرزق الحلال ولا يجده ، وغيره يبنى من الحرام أمجاداً ، عفواً فقد أصبحت قضية الناس فى هذا الزمن هى قضية لقمة عيشهم ، وكرامتهم وأمانهم من غدر الزمن .

فأرى أن أزمة المعيشة هي من أزمة الوطن ، فقد يأتي يوم ونصبح جميعاً ضحايا لهذه الأزمة ، ويصبح العامل فى مواجهة صاحب العمل ، والمريض فى مواجهة الطبيب والمستشفيات ، والطالب فى مواجة المدرسة والجامعة  والمستهلك في مواجهة التاجر ، والكل فى مواجهة الدولة .

فلا يجب أن تكون الدولة في غياب عن المواطن وعن آلامه وأوجاعه وهمومه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى