مقالات وتحقيقات

التدين الفيسبوكي في مجتمعنا

اليوم الثامن

التدين الفيسبوكي في مجتمعنا


قد يستغرب من يقرأ هذا العنوان ، ومن حقه هذا الاستغراب باعتباره عنوانا منحوتا لم يسبق استخدامه في حدود معرفتي ، لكنني نحت هذا العنوان نحتا على طريقة أهل اللغة في نحت المفاهيم من الواقع المعاش، وقابلية اللغة لنحت المفردات باعتبارها لغة ولادة وحية قادرة على ولادة المفردات التي تتطلبها الحياة المعاصرة .
وقد خطر ببالي هذا العنوان لكثرة دعاة الفيس بوك ، فقد تحول معظم مطبقيه ومستخدميه إلى وعاظ ودعاة ومفتين ومصلحين ومنظرين في الدين والمبادئ ، ولست ضد هذا النهج ، لكنني أنبه إلى واقع الحياة خلاف ما يرسم في مواقع التواصل التي يكثر استخدامها ، فمنظومة القيم والأخلاق في مجتمعنا اختلت وتأزمت بصورة مندهشة ، والمنظومة الاجتماعية والسلوكية تأكلت ، والنفسية الجماعية والفردية فتكت بها الأمراض النفسية والاجتماعية بما عجز الأطباء المختصين عن علاجه ، ودعاة الإصلاح الاجتماعي والديني عن رتقه بعد فتقه، ورجال القضاء والقانون عن الفصل في تفاصيل قضاياه وتشعبها .
فلو أن 10% ممن يكتبون في مواقع التواصل يطبقون ما يكتبون ، لكان الحال خلاف ما نرى ، ، كحال من يكتب عن الوطنية ولا يقوم بإتقان العمل وتحمل المسؤولية عن سلامة الوطن ، أو كمن يكتبون عن وحدة النسيج الاجتماعي للمجتمع وهم في الواقع عنصريون مذهبون قبليون فئويون، تعدد الولاءات والانتماء ات في مواقفهم وحياتهم ، وتمزقهم الأهواء ، وتحكمهم المصالح ، فهل هذا من التدين الصحيح ؟ .
فحبذا لو تحول ما ينشر إلى واقع معاش ، وحبذا لو تطابق الواقع مع الصورة التي ترسم ، وحبذا لو تضافرت الجهود إلى إصلاح الخلل العام في مجتمعنا ، وهذه دعوة إلى كل محب للخير في مجتمعنا أن نحول هذه

المواقع إلى أداة بناء ، حمى الله مجتمعنا من كل سوء .


د . رياض الشديفات / المفرق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى