أخبارمقالات وتحقيقات

مصطفى شاهين يكتب:الدولار يدخل تحت… الغمامة السوداء

الدولار يدخل تحت الغمامة السوداء


مازال العالم يتمسك بالورقة الخضراء التي كادت تنهزم من قبل الجنيه المصري، لقد شب العالم عن الطوق، وانتهت الآثار الاقتصادية للحرب العالمة والباردة، لم تعد المنتجات الأمريكية محل اهتمام كبير، وهناك اليوم بدائل استراتيجية.

وفي المقابل يجب الاعتراف أيضا أن الدولار يبقى عملة مهمة فمن يملكها يملك القدرة على شراء إنتاج العالم، فلماذا بقيت هكذا؟ كنت قد أجبت عن هذا السؤال بالعصا الأمريكية الغليظة، فأمريكا ترتكز في دعمها اليوم للدولار على قدرتها على ضمان توفيره وتحويله إلى أي عملة، كما أن العالم “كحكومات ومؤسسات مالية” مدمن على الفائدة الأمريكية.

حيث أن لجميع يرون السندات الأمريكية مستودعا آمنا للثروة، وهذه تدعمها صلابة مؤسسة السياسة النقدية الأمريكية وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي.

وإذا أضفنا إلى ذلك أنه لا توجد اليوم عملة يمكنها أن تحل محل الدولار، كعملة ثقة فإن ما نسمعه من وكالات الأنباء حول التحول عن الدولار كعملة لتسعير النفط هي مقولات فيها نظر.

النفط في مقابل الدولار، هذه هي المعادلة التي يجب مناقشتها، فبرميل من النفط يقاس اليوم بنحو 65 دولارا تقريبا في متوسط الأسعار، وهذا يعني أن على الولايات المتحدة أن تصدر في مقابل كل برميل نفط 65 دولارا.

فإذا لم تفعل الولايات المتحدة ذلك فإن ما تصدره من دولارات لن يكفي إلا لتغطية التجارة بين ولاياتها فقط وهذا يعني شحا كبيرا في هذه العملة إما في أسواقها أو في العالم وبالتالي التأثير في الأسعار داخليا أو عالميا حتى الذهب والمعادن، وسؤالي لكل من يريد أن يتم تسعير النفط بغير.

الدولار: هل هناك دولة في العالم تستطيع أن تصدر عملتها بهذه الكميات وتسيطر على حجمها في الوقت نفسه مع دقة السياسية النقدية واستقلالها سياسيا؟

بالطبع يصعب ذلك في الوقت الراهن على الأقل، هناك من يرى الصين قادرة على ذلك أو اليورو كعملة بديلة، لكن الأمر ليس بهذه السهولة.
فقد واجهت الولايات المتحدة تحديات ضخمة جدا مع تنامي الاحتياطيات الدولية من عملة الدولار، واستطاعت أن تتجاوز ذلك بمعادلة الفائدة المركزية السندات والدين الأمريكية الضخم، فالعالم بقدر ما يحاول تضخيم احتياطاته من الدولار “أي يحتفظ بها ولا يعيدها إلى الأسواق العالمية” بقدر ما تغريه الفائدة الأمريكية والعوائد فيقوم بإعادة هذه الدولارات طوعا، وبذلك تحافظ أمريكا على توازن صعب ودقيق وغريب لعملتها في الأسواق العالمية، وبالتالي أسعار الأسهم العالمية وأسعار الذهب وحتى النفط، وهذا ما لا تقدر عليه سوى أمريكا، ذلك أن المخاطر على الفائدة الأمريكية تظل في مستويات الصفر تقريبا، لهذا يجب على أي عملة قبل أن تزاحم الدولار على تسعير النفط أن تزاحمه كعملة احتياط، وعلى أي دولة أن تقدم للعالم سعر فائدة خاليا من المخاطر كالفائدة الأمريكية، فإذا اقتنع العالم بذلك فيمكن قبول مزاحمتها له في تسعير النفط، وأي مراهنة على غير ذلك هي مراهنة محفوفة بالمخاطر لأي دولة تحاول أن تسعر نفطها بغير الدولار.

لقد حاول اليورو أن يعادل كفة الدولار ويقدم نفسه كعملة احتياط، ونجح إلى حد ما مع ضخامة إنتاج الدول الأعضاء والترتيبات الصارمة لإصدار العملة، والترتيبات السياسية الكثيرة، لكن أثبتت الأحداث الخطيرة بعد الأزمة المالية أن لا أحد يضاهي الدولار في الثبات، لقد كانت ثقة الأسواق بالدولار كبيرة رغم ما تعرض له من ضغط هائل جدا كان سيسحق أي عملة أخرى، بينما كان اليورو في الوقت نفسه يواجه عاصفة اليونان السهلة ويجد صعوبة هائلة في معالجتها وتأكد للعالم أن عملية اتخاذ قرار بشأن توفير الدولار أسهل بكثير من عملية توفير اليورو، وفي الوقت الذي كانت المطابع الأمريكية تعمل ليل نهار لتوفير الدولار كانت مطابع اليورو تنتظر قرارا سياسيا غير مستقل، ونعم قد يبقى اليورو عملة منافسة.

ورغم انقسام الآراء نسبياً إزاء اتجاه الورقة الأمريكية خلال الأعوام القادمة، فإن التكهنات التي تشير إلى تقويض قوة الدولار كانت هي الفائز بفارق

في حين أن الدولار حالف مكاسب ملحوظة منذ بداية العام الجاري، ليرتفع المؤشر الرئيسي الذي يتبع أداء الورقة الأمريكية مقابل 6 عملات.
الدولار من التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين حول العالم خلال 2018، حيث تكالب المستثمرون على الورقة الخضراء كملاذ آمن.

وتلقت عملة الولايات المتحدة الدعم من سياسة التشديد النقدي التي اتبعها بنك الاحتياطي الفيدرالي بقيادة جيروم باول خلال العام الحالي، حيث تحرك المركزي الأمريكي لزيادة معدل الفائدة إلى مستوى يتراوح بين 2.25 إلى 502.% بعد أن نفذ 4 عمليات رفع للفائدة.

وتمكن الدولار من تحقيق ارتفاع ملحوظ بالتزامن مع الخسائر في بعض العملات المنافسة مثل اليورو والجنيه الإسترليني والتي جاءت بسبب قضايا تتعلق بخلاف بين الحكومة الشعبوية الجديدة في إيطاليا والمفوضية الأوروبية حول خطة الموازنة إلى جانب مفاوضات البريكست التي احتلت مساحة لا يمكن تحالفها.

لكن البنك يضيف أنه مع تقدم عام 2019 قد يصل الفيدرالي للذروة فيما يتعلق بمعدل الفائدة الذي قد يوقف هذه الزيادات بحلول الربع الثالث وهو الأمر الذي سوف ينعكس في شكل موجة بيعية بالدولار.

وبحسب مسح أجرته وكالة “بلومبرج” الأمريكية بشأن تنبؤات العملات الأجنبية، فإن الخسائر ستكون من نصيب الدولار مقابل عملات الملاذ الآمن التقليدية مثل الين والفرنك السويسري.

ويشير متوسط ​​التوقعات لزوج العملات (الدولار الأمريكي-الين الياباني) إلى انخفاض من مستواه الحالي القريب من 113 ينّاً لكل دولار لـ108 ينات في نهاية عام 2019.

تتزامن الرؤية التي تشير لهبوط محتمل في قيمة الدولار خلال العام المقبل مع عدد من التوقعات حول العالم من بينها خفض تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى