حنان فتح الباب تكتب : رحلة … حب

اليوم الثامن
تلعب الصدف في حياتي دورا بالغ الأهمية، فمنها ما غيرمسار حياتي ومنها ما جعلني اكتسب أو افقد صفات جديدة، ولكن هذة المرة كانت الصدفة جميلة مثلها،فهي تمتلك من جمال الروح ما يجعل جمالها الخارجي يتضاءل أمامه.
اسمها أنجي يوسف،كانت تعمل موديل اعلانات،وهي الآن زوجة وام
تعشق عائلتها واصدقاءها، يشع الحب من داخلها في صورة إبتسامة ساحرة تكاد لا تفارقها،فهي تمتلئ بطاقة إيجابية تساعدها على اجتياز أي عائق يقابلها في الحياة تمتلك قلب يمتلأ بالإيمان وحسن الظن بالله.
ولعل هذه الصفات هي ما جعلت”انحي”تسجد لله باكية تحمده علي أن هذا الزائر ثقيل الدم “السرطان “أتي إليها ولم يطرق جسد من تحبهم،قالت لي ” من نعمة ربنا علي انه أصابني انا بالسرطان،ولم يبتليني به في احد من أفراد عائلتي أو أي حد بحبة ،ما كنتش هاستحمل”
قالت لي: حكايتي مع المرض غريبة جدا ،بابا آلله يرحمه كان مريض سرطان،وانا كنت مرتبطة بيه جدا ،كان فيه بينا تواصل روحي،بعد وفاته بفتره ،اخبرني أحد الاقارب أن والدي أتي إليه في المنام وقال له “إيه اخبار التحاليل بتاعة أنجي طمنوني عليها”..في هذا الوقت لم أكن أشكو من أي مرض وبعد فترة وجيزة شعرت بإنتفاخ في إحدي الغدد بالرقبة، ذهبت للدكتور “تامر النحاس “الذي قرر استصئال اللوزتين وجزء من الغدة لتحليلها.
تابعت “إنجي”بصوت كله حب وحيويه…الحقيقة أنا مش فاكرة غير أني قلت الحمد وصليت ركعتين شكر لله،لما دكتور تامر اخبرني أن نتائج التحاليل أكدت أنه “سرطان”…بس مش عارفة كان ممكن ده هايبقي رد فعلي لوكلن حد بحبه في نفس مكاني، استجبت للعلاج للعلاج بالصبغة،بس كان لازم أعمل مسح نووي وذري ،علشان الأطباء يتأكدوا من عدم إنتشار المرض .
ويستمر حديثي مع هذة الجميلة الرائعة ،وسألتها إيه كانت نتيجة المسح؟وعملتي ايه؟
قالت لي:الحمد لله النتيجة كانت إيجابية وفرحت طبعا حاجة أخف من حاجة،ولكنني رفضت بداخلي فكرة إني اأخذ جلسات كيماوي واشعاع،وقررت اصلي ركعتين ” إستخارة ” من أجل أن يطمئن قلبي،وفور انتهائى من أداء الصلاة،رن جرس التليفون وإذا بالمتصل هو الدكتور”حسام الفل” يقول لي :ليه مش عاوزة تاخدي الجلسات يا إنجي بالرغم أنه ما كانش يعرف بقراري،اعتبرت هذة المكالمة بمثابة رسالة من الله،إني استكمل الجلسات الإشعاعية والكيماوية .
وعندما سالتها وبدأتي فعلا الجلسات؟قالت لي انا بكلمك وانا لسة جاية من جلسة إشعاع دلوقتي.
وعن الاثر النفسي للعلاج قالت لي:بعد 18 يوم بالضبط من أول جلسة كيماوي شعري ابتدي يسقط،إحساس صعب،بس اتعودت.
لم يكن الأمر بالنسبة لي مجرد حديث عابر بين صديقتين جمعتهم صدفة جميلة،كنت أري في “انجي “قوة وإصرار وتحدي وطاقة إيجابية تشع بالحب والحيوية بالرغم من كل هذا الالم،فكان لابد من هذا السؤال ، إيه اللي مخليكي تستحملي كل هذا الألم النفسي والجسدي وانت راضية ومتفائلة؟
قالت لي:أولا إيماني الشديد وحسن ظني بالله، ثاتيا “الحب ثم الحب “أنا رحلتي مع المرض رحلة حب لاني عرفت فيها قد إيه في ناس بتحبني من قلبها ولولا وجودهم بجانبي مش عارفة كنت هاعمل إيه، ومش هاقدر ااقول أسماء لانهم تقريبا كل إللي أعرفهم سواء الأهل والأقارب والأصدقاء…وحتي إللي أعرفهم من بعيد.
استوقفتني كلمة حب كثيرا وترددت قبل أن اسألها…في ناس كتيرة مصابة بالسرطان بترفض حب اقرب الناس إليها لأنها بتعتبره في هذة الحالة شفقة…إنتي ازاي قدرتي تفرقي بين الحب والشفقة؟
اتت لي الإجابة عبر صوتها الرقيق الهادئ…الحب إحساس بيوصلك بدون حواحز وتأثيره بيبقي واضح….أنا لو ماكنتش حسيت بالحب الحقيقي من كل اللي الناس إللي اعرفها عمري ما كنت هابقي بالقوة دية.
اكتفيت معها بهذا القدر من الحديث…وانا أتمني لها وللجميع الشفاء العاجل بإذن الله….ولكني أوجه رسالة لكل مريض سواء بمرض السرطان أو غيره من الأمراض..لا تتعامل مع من يحبك أو بريد إن يمنحك الحب علي أنه يتعامل معك من باب العطف والشفقة….الفرق شاسع بينهما…الحب عطاء …امنحوا الفرصة لمن يحتفظوا لكم داخل قلوبهم بلألئ الحب الحقيقي….الحياه بالنسبة لنا جميعا…قصيرة…ولن يتبقي منها سوي لحظات السعادة مع من نحب.