مقالات وتحقيقات

اليوم الثامن د.رياض الشديفات يكتب:نحن مجتمعات مولعة… بالتقليد

نحن مجتمعات مولعة بالتقليد

نحن مجتمع مقلد بطريقة غريبة عجيبة مع علمنا أن التقليد في الشرع الإسلامي يأخذ عدة احكام منها: الحرام، المباح، الواجب، المكروه، فالتقليد المحرم في مسائل العقيدة والعبادات وما يمس الثوابت الثقافية والفكرية، ويكون واجبا حين يتعلق بالأمور العلمية كالطب والهندسة والرياضيات والعلوم التي لا يستغني عنها المجتمع لتطوره، ويكون مباحا في شؤون الإدارة والتنظيم لأهميتها في الحياة، ويكون مكرواً في الجوانب المتعلقة بنمط الحياة المشوش على الشخصية المستقلة.

وخطورة التقليد الذي أصاب مجتمعاتنا العربية هي التعبية كما يقول ابن خلدون: “ومن طبع المغلوب أن يولع بتقليد الغالب ” وهذا ما نفعله تماما في مجتمع حيث لم نبق لنا شيئا من سمات الهوية العربية، مما أدى إلى انعدام الثقة بالنفس، وسيطرة ازدواجية الشخصية: شخصية في المسجد، وشخصية مختلفة تماما في العمل والشارع، وهذا النمط السائد جعل الفرد العربي يشعر بالدونية ، ويهرب لمحاكاة الغرب والهجرة إليه ، وزاد هذا الواقع من عمليات الإسقاط والبحث عن مبررات الفشل والعجز الذي نعانيه في الإدارة والسياسة والفكر والثقافة وسائر جوانب الحياة .

وليتنا قلدنا في العلوم التقنية والتطبيقية والإدارة والتنظيم والنظافة وحسن التخطيط؛ ولكننا قلدنا في المظاهر والشكليات ودعوات تحرير المرأة على الطريقة الغربية، والحفلات الماجنة بسفورها وخمورها ورقصاتها وسهراتها، وموديلات الملابس من كل غريب وعجيب، وفي التنافس على المظاهر ، وطريقة تصميم المطابخ، وغير ذلك كثير .

وهذا الحال الذي نعيش هو بسبب الروح الانهزامية التي غرسها اتباع الغرب والمناهج الفارغة من المضمون، ووسائل الإعلام غير الجادة، والأقلام المأجورة، والأيدي الأثمة، وهذا الحال جعلنا بلا هوية كحال من سلاه الضبع، أو كحال من يدخل جحر الضب، ونعلل ذلك بالقول الدارج: ” إذا انجن ربعك ما ينفعك عقلك ” فنحن مجتمع مقلد مولع بالتقليد، والله المستعان.

                  د . رياض الشديفات / 23/ 7/ 2019م

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى