مقالات وتحقيقات

سهي سيد تكتب : الأقنعة الزائفة

اليوم الثامن

ما اصعبه من شعور حينما تكتشف فجأة أن كل ما كان يحيط بك ويدور بعالمك وتتعايش مع احداثه ليس إلا كذبة كبرى ، أو وهما نسجته بخيالك ، أو أحد أحلام يقظتك التى كنت تنشدها وتبذل جهدك لتحقيقها ، ولكنه لا يمت للواقع بصلة !! لتدرك أخيرا الحقيقة المؤلمة التى تؤكد لك فداحة ما أسفرت عنه سلامة نيتك ونقاء معدنك وطيب اصلك ، تلك الصفات التى حالت بينك وبين سوء ظنك فيمن كنت تتعامل معهم ، وهولاء من اشير اليهم بالمتملقين وأصحاب الأقنعة الزائفة ..

وأكاد أجزم أن أغلبنا إن لم يك كلا منا قد التقي على مدار
حياته بوجها أو أكثر من أصحاب تلك الأقنعة الزائفة التى خلفت اثارها الداميه وندباتها البارزة بقلوبنا ونفوسنا ، وما
أن تقع عليها ابصارنا حتى تقفز مجددا كى تذكرنا كم
كنا انقياء أبرياء مع أناس ناكرين خبثاء ؟ كم كنا اوفياء اسخياء مع أشخاص جاحدين بخلاء !!! فما اقساه من
شعور حينما تصدم فى أقرب المقربين إليك لتدرك أخيرا
أن ليس كل ما يلمع ذهبا كما كنت تعتقد !! ستدرك ذلك
ما إن تسقط الاقنعه وتتعرى الوجوه المتلونه لتكشف لك
عن حقيقة تلك النفوس المريضه والقلوب المتحجرة و
الضمائر الغائبه وليرفع الستار لنرى الآخرين على حقيقتهم
بلا رتوش زائفه والوان باهتة ، فنعود نراجع أنفسنا نؤنبها
نوبخها نبكتها نعنفها ونحن نصيح بها وتحاصرنا التساؤلات
لما ، وكيف ، متى، ولماذا ؟؟ولا من جواب شافى لأسئلتك
يبرر ما أقدم عليه الطرف الثانى صديقا كان أم جار زميل
أو حبيب أخ أو زوج فيعتريك الخجل وتبدى الندم فى حق نفسك بتواطئك معه عليها!! نعم نحن من ساعدنا هولاء الأقزام أن يتطاولوا علينا ويسخروا منا ويستغلوا براءتنا
حينما منحناهم من ثقتنا ما هم ليسوا بأهل له، ورفعناهم لمقاما ليسوا جديرين به ، ستدرك ذلك حتما عندما تكتشف
أن ذلك الشخص الذى آثرته على الجميع واكتفيت به وأغتنيت معه عن العالم بأسره وأئتمنته على أسرارك هو نفسه ذلك الشخص الذى بات يوجه إليك سهامه المسمومه قاصدا متعمدا أن يرديك ارضا! ليس هذا فحسب بل سيحاول أن ينال منك بكل السبل ستجده تارة يذمك ويحقر من شأنك وتارة أخرى يتهمك بما ليس فيك ويتعالى عليك، مستخدما ضدك اسلحتك انت التى قدمتها له بيديك ليدافع بها عنك ضد من تسول له نفسه أن ينال منكما ، ليوجهها إلي قلبك مباشرة وهو يبتسم لك ولسان حاله يخبرك انت من اعطيتنى
اياها لم أخذها منك غصبا أو قهرا ! فتغمض عينيك وكأنك
تحاول الهرب من تذكر تلك الأصوات التى كانت تناشدك
التريث والتمهل وتوخي الحرص والحذر تحاول أن تنبهك
تحذرك قبل أن تهب ذلك الآخر ثقتك وقلبك ومشاعرك فهم
أسمى بكثير من أن يعبث بهم مثل هذا المتملق، كانت تلك الأصوات لأفراد انقياء القلوب واتقياء النفوس انار الله لهم بصائرهم فلم تنطلى عليهم تلك الحيل الماكرة ولا الشعارات الرنانه ولا الإدعاءات الكاذبه ،فإستشعروا خطورة ما انت مقدما عليه، فحاولوا قدر استطاعتهم أن يحيلوا بينك وبين ذلك الخطر ولكنك تبعت قلبك ولم تسمع فيهم لومة لائم حسمت أمرك فصممت أذانك وأغمضت عينك ولم تلق بالا لتحذيراتهم و نصائحهم التى حاولوا يسدوك إياها!!! والأن وقد إستفقت من غفلتك لتر ى بنفسك الحقيقه البشعة لمن
اخترته بالأمس ليكون سندك وداعمك وهو يطعنك بظهرك
بعد أن توغل بعالمك واحاط بكل نقاط ضعفك واثقا انه ماعاد بمقدورك أن تقاومه أو تدافع عن نفسك مختالا فخورا بما حققه من إنتصار رخيص لا يليق إلا به ،وفضلا عن ذلك كله ورغم كل محاولاته لتحطيمك والنيل منك يخرجك الله من محنتك هذه أقوى وأفضل مما كنت عليه، بينما كان يسعى لكسرك وقهرك جبرك الله ونصرك عليه لتخرج من محنتك بفيضا من المنح والنعم التى أنعم بها الله عليك ولتدرك أن الشدائد ليست جميعها شرا محضا وان النعم ليست جميعها خيرا محضا وعز من قال ( وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم وعسي أن تحبوا شيئا وهو شرا لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون )..فالناس مواقف والمواقف خيارات والخيارات هى من تحدد لك معادن الآخرين ، وليس لهذا صلة بمنصب أو جاه أو مال بل المعدن هو الفيصل فكما هناك معادن نفيسه واخرى رخيصة ، كذلك هى طباع البشر واخلاقهم والمعدن الأصيل يرتبط ارتباطا وثيقا بالخلق الحسن والقيم والمبادئ التى تكشف لنا عن الوجوه الحقيقيه دون اقنعه مصطنعه وتبين لنا الحقود والحسود والجاحد الناكر ولتصدق مقولة ( إن انت أكرمت الكريم ملكته وإن انت أكرمت اللئيم تمردا) واللئيم هو صاحب مصلحته وما أن ينال مآربه منك لا يعد بحاجة إليك فيلفظك من حياته منبوذا مطرودا لأنك لم تقدر نعمة وجوده بحياتك لذا حرمك منه بعد أن بخسته قدره !!!

لذا نصيحتى اليكم جميعا لا داع للثقة المفرطة ولا حسن
الظن المطلق، فلنتعامل بحذر وإعتدال ولندع مسافة كافية بيننا وبين الآخرين وإذا أردت أن تعرف حقيقة أحدا ما فأغضبه فإن لم ينلك منه شرا فإتخذه صديقا وإلا سترى
وجهه الحقيقي ما أن يسقط عنه قناعه الزائف بعد أن كان
يبدى لك عكس مايخفى ويظهر منه عكس مايبطن وأخيرا
أدعو الله أن يقينى وإياكم شر هولاء الآفاقين المتملقين
الذين (يخفون فى أنفسهم مالا يبدون لك) إلا وهم أصحاب
( الأقنعة الزائفة )

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى